الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        المبحث الثاني عشر: الشرط الثاني عشر، كونه غير صديق ملاطف

        اختلف العلماء في اعتبار هذا الشرط على قولين:

        القول الأول: أنه لا يشترط.

        وهو قول جمهور أهل العلم.

        وحجته: عموم الأدلة.

        القول الثاني: تصح الوصية للصديق الملاطف بشرطين:

        1 - أن يكون ورثة الموصي أبناءه الذكور، أو الذكور والإناث، وإلا بطلت الوصية.

        2 - عدم الدين لأجنبي.

        وهو قول عند المالكية .

        وحجته: أنه متهم بحرمان الورثة، وصرف الوصية للصديق إذا لم يكن الورثة أبناءه الذكور، أو الذكور والإناث.

        ونوقش هذا الاستدلال: بأن اشتراط السلامة من الدين صحيح، ولا يختص بالوصية للملاطف، وأما اشتراط أن يرثه أبناؤه الذكور، أو [ ص: 584 ] الذكور والإناث فإنه شرط لا يصح; لأنه يجوز للموصي أن يوصي بثلثه مطلقا، سواء كان له أبناء ذكور يرثون أم لا، وقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص في الوصية بالثلث، بعدما قال له: "أنه لا يرثني إلا ابنة لي"، ولم يسأله هل سيوصي لصديق ملاطف أو لغيره، وترك الاستفصال ينزل منزلة العموم في الأقوال.

        وكأن هذا القائل قاس الوصية على الإقرار بالدين، فإنه يشترط فيه عند مالك أن يكون ورثة المقر أولاده، فإن كانوا عصبة لم يصح الإقرار للصديق الملاطف، إلا أنه لا وجه لهذا القياس، فإن الإقرار إخبار عن الواقع، ويخرج من رأس المال، فيمكن اتهام المقر بالكذب في إقراره لصديقه الملاطف بخلاف الوصية فلا تهمة فيها; لأنها حق الموصي في ماله، ويضعه حيث شاء، كما في الحديث: "إن الله تعالى تصدق عليكم بثلث أموالكم في آخر أعماركم زيادة على أعمالكم، فضعوه حيث شئتم" .

        [ ص: 585 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية