المبحث الثالث عشر: الشرط الثالث عشر، في كونه غير وال ولا حاكم على الموصي
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في اعتبار هذا شرط على قولين:
القول الأول: عدم اعتبار هذا الشرط.
وهو ظاهر قول جمهور أهل العلم، حيث لم يفرقوا بين الوالي وغيره في مشروعية الوصية.
وحجته: عموم أدلة الوصية.
القول الثاني: بطلان . وصية الرعية لمن هو وال عليهم
وبه قال بعض المالكية .
وحجته: من باب الرشوة، وثمن الجاه المنهي عنهما، والنهي يدل على فساد المنهي عنه، ولذلك يجب رد الوصية إلى ورثة الموصي.
(195) لما روى في قصة البخاري ابن الأتبية من طريق ، أنه سمع الزهري ، أخبرنا عروة حميد الساعدي رضي الله عنه قال: بني أسد يقال له: ابن الأتبية على صدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا [ ص: 586 ] أهدي لي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر - قال سفيان أيضا: فصعد المنبر - فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " ما بال العامل نبعثه فيأتي يقول: هذا لك وهذا لي، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه، فينظر أيهدى له أم لا " . استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من
فإن ظاهر الحديث: أن ابن الأتبية أخذت منه الهدايا التي أهديت له، وإن كان الحديث غير صريح في ذلك، إلا أن هناك من العلماء من جزم بأخذها منه، ووضعها في بيت المال، وقال : "يحتمل ردها، ويحتمل أن تجعل في بيت المال"، والحديث وإن كان واردا في الهدية، فإن الوصية مثلها; لأن كلا منهما تبرع بمال، وإلا أن الأولى في الحياة، والثانية بعد الموت، وذلك لا يصلح فرقا بينهما في هذا الحكم; لأن في الجميع استغلال النفوذ والجاه، وهي العلة لمنع هذا التصرف وبطلانه. ابن قدامة
والقول الثاني له قوة.