[ ص: 272 ] الأدلة:
دليل القول الأول:
1- ما تقدم من الأدلة على عدم جواز هبة المريض مرض الموت أكثر من الثلث.
وجه الدلالة: أن حق الورثة تعلق بما زاد عن الثلث، فكان لهم الرد والإجازة، وعلى هذا فالإجازة تعتبر تنفيذا.
2- ما روته -رضي الله عنها- أنها قالت: "نحلني عائشة جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض قال لي: إني كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا من مالي بالعالية، فلو كنت جذذتيه وحزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال الوارث، فاقتسموه بينكم على كتاب الله تعالى". أبو بكر
قال "فأخبر الطحاوي: أنها لو قبضت ذلك من ماله في ملكه ملكته، وجعل ذلك غير جائز; لأنها لم تقبضه، كما لا تجوز الوصية لها، ولم تنكر ذلك أبو بكر الصديق ولا سائر أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدل ذلك أن مذهبهم جميعا فيه مثل مذهبه، فلو لم يكن لمن ذهب إلى ما ذكرنا من الحجة لقولهم الذي ذهبوا إليه إلا ما في هذا الحديث، وما ترك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الإنكار في ذلك على عائشة لكان فيه أعظم حجة". أبي بكر
3- أن تبرعات المريض مرض الموت وصية معنى، والوصية للوارث لا تصح إلا بإجازة الورثة.
دليل القول الثاني: القياس على الوصية، فتبطل لوارث، وبأزيد من الثلث لأجنبي.
ونوقش: بأن البطلان حق الورثة، فإذا أجازوه نفذ. [ ص: 273 ]
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- القول الأول قياسا على الوصية للوارث، وقد ورد النص بجوازها إذا أجازها الورثة; ولأن المنع حق الورثة، فإذا أجازوا جاز، والله أعلم.
ثمرة الخلاف:
إن قلنا بالرأي الأول لم يشترط لهذه الهبة ما يشترط للهبات من أحكام كالقبض ونحوه حسب ما مر تفصيله.
وإن قلنا بالرأي الثاني، أنها هبة مبتدأة اشترط لها ما يشترط لسائر الهبات من أحكام، والله أعلم.