الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        [ ص: 160 ] المطلب الثالث

        الوصية بنصيب وارث معين كابنه زيد

        والفرق بين هذه المسألة، والتي قبلها: أن التي قبلها هناك وصى له بمثل نصيب وارث، وهنا وصى له بنصيب وارث معين.

        وقد كره بعض العلماء مثل هذه الوصية:

        (217 ) روى سعيد بن منصور قال: حدثنا خالد، قال: أنا داود، عن عامر، في رجل له ثلاثة بنين، فأوصى لرجل بمثل نصيب أحد ولده قال: « يجعل رابعا » .

        (218 ) وروى سعيد بن منصور: نا هشيم، وخالد بن عبد الله ، قالا جميعا: أنا مغيرة، عن إبراهيم: « أنه كان يكره أن يوصي الرجل بمثل نصيب بعض الورثة، وإن كان أقل من الثلث » .

        (219 ) وعن أنس -رضي الله عنه-: « أنه أوصى بمثل نصيب أحد ولده » .

        وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

        [ ص: 161 ] القول الأول: أن الوصية صحيحة.

        وهو قول جمهور أهل العلم.

        وحجتهم في ذلك:

        1 - عموم أدلة الوصية.

        2 - أن المعنى المراد منها هو الوصية بمثل نصيب هذا الوارث المعين لا بنفس نصيبه، ولكن الوصي حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، وحذف المضاف مع قيام قرينة تدل عليه سائغ في لغة العرب، فمعنى أوصيت بنصيب ابني: أوصيت بمثل نصيب ابني.

        3 - القياس على الوصية بجميع المال، فإنها تتضمن الوصية بنصيب جميع الورثة، ومع ذلك تصح كوقفه على إجازة الورثة، وكذلك الوصية بنصيب وارث.

        القول الثاني: أن الوصية باطلة.

        وهو قول الحنفية ، وقول للشافعية ، وبه قال القاضي من الحنابلة .

        وحجته: أن هذه وصية بما فرضه الله سبحانه وتعالى للابن أو لغيره من الورثة، وما فرضه الله -عز وجل- لإنسان لا يملك أحد سواه أن يجعله لآخر، فكان هذا بمنزلة ما لو وصى له بمال ابنه من غير الميراث.

        الترجيح:

        الراجح - والله أعلم بالصواب - القول الأول; لأن تصحيح وصيته بتأويل يسوغ مثله ، وإذا كان ذلك ممكنا فهو أولى من إبطالها، ولأنه يبعد كل [ ص: 162 ] البعد أن يريد الموصي الوصية بنصيب وارثه; لأنه يعلم أنه ممنوع من مجاوزة الثلث بالوصية، فبالأولى بنصيب وارثه.

        مثال ذلك: هلكت امرأة عن زوجها، وابنها، وابنتها، وأوصت لأخيها بنصيب زوجها، فالموصى له يعطى الربع، ويقسم الباقي بين الورثة.

        فأصل مسألتهم: من أربعة، والباقي بعد الوصية ثلاثة، وهو منكسر مباين.

        فتصح مسألتهم، من ستة عشر، للموصى له أربعة، وللزوج ثلاثة، وللبنت ثلاثة، وللابن ستة.

        وإذا أوصت بنصيب ابنها لأخيها، أعطي الأخ النصف إذا أجازه الورثة، وإن لم يجز الورثة ردت إلى الثلث، وقسم الباقي بين الورثة.

        وعلى قول الجمهور: إذا كانت الوصية بنصيب ابن وله ابنان، فللموصى له الثلث، وإن كان له ثلاثة فللموصى له الربع.

        وإذا أوصى بنصيب ذي فرض أعطي الموصى له فرض الموصى بنصيبه على أصل المسألة كالعول، فإذا أوصى بنصيب الجدة أعطي السدس، وزيد على الفريضة سدسها، وهكذا.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية