المثال السابع عشر : لا يجوز إلا عند مسيس الحاجة ، فإذا استأجر لبعض الأعمال يوما خرجت أوقات الأكل والشرب والصلاة وقضاء الحاجات عن ذلك لمسيس الحاجة إلى هذا التقطيع ، وكذلك لو استأجره للخدمة أو لبعض الأعمال شهرا أو سنة أو جمعة خرجت هذه الأوقات مع الليالي عن الاستحقاق ، فإن ذلك لو منع لأدى إلى ضرر عظيم . تقطيع المنافع في الإجارة
ولو قال استأجرتك من أول النهار إلى الظهر ومن العصر إلى المغرب لما صحت الإجارة ، إذ لا حاجة إلى التقطيع ، وكذلك الاستئجار للحمل والنقل والركوب تنقطع فيه المنافع في المراحل والمنازل الخارجة عن الاستحقاق ومطرد العادات .
وقد أجاز بعض العلماء الإجارة في الحال وعلى الحول القابل لأن المنافع لا تكون في حال العقد إلا معدومة ، ولا فرق بين المنافع المتعقبة العقد وبين المنافع المستقبلة ، رحمه الله يجعل المنافع المستقبلة للعقد المتحد تابعة لما يتعقب العقد من المنافع ، ويجوز في التابع ما لا يجوز في المتبوع ، ويجاب عنه بأن القليل يتبع الكثير في العقود ، ولا يجوز أن يجعل [ ص: 186 ] معظم المقصود تابعا لأقله فلو أجره عشر سنين لكان ما يستقبل من مقصود العقد تابعا لما يتعقب العقد من المنفعة التافهة . والشافعي
( فائدة ) كل ما يثبت في العرف إذا صرح المتعاقدان بخلافه بما يوافق مقصود العقد صح فلو لزمه ذلك ، ولو أدخل أوقات قضاء الحاجات في الإجارة مع الجهل بحال الأجير في قضاء الحاجة لم يصح ، ولو شرط المستأجر على الأجير أن يستوعب النهار بالعمل من غير أكل وشرب ويقطع المنفعة صح ووجب الوفاء بذلك لأن تلك الأوقات إنما خرجت عن الاستحقاق بالعرف القائم مقام الشرط ، فإذا صرح بخلاف ذلك مما يجوزه الشرع ويمكن الوفاء به جاز ، كما لو أدخل بعض الليل في الإجارة بالنص عليه ، ولو شرط عليه أن يعمل شهرا الليل والنهار بحيث لا ينام ليلا ولا نهارا فالذي أراه بطلان هذه الإجارة لتعذر الوفاء به ، فإن النوم يغلب بحيث لا يتمكن الأجير من العمل ، فكان ذلك غررا لا تمس الحاجة إليه ، بخلاف ما لو شرط ذلك في ليلة أو ليلتين . شرط عليه أن لا يصلي الرواتب وأن يقتصر في الفرائض على الأركان