[ ص: 438 ] ؟ ] هل للشرط دلالة في جانب الإثبات
وقع في باب القياس من " البرهان " أن للشرط دلالتين : إحداهما مصرح بها ، وهي إثبات المشروط عند ثبوت الشرط ، والأخرى ضمنية ، وهي الانتفاء . والذي ذكره غيره من الأصوليين أن الشرط لا دلالة له في جانب الإثبات بحال ، وإنما يدل في جانب الانتفاء خاصة ، ولو صح ما قاله لم يظهر فرق بين العلة والشرط . وأما تمسك الإمام بقول القائل : إن جئتني أكرمتك ، فنحن لا ننكر أنه إذا جاء استحق الإكرام ; لكن هل ذلك لوجود الشرط أو لأجل الإكرام الموقوف على الشرط ؟ وكذلك لو ، فإنها إذا دخلت الدار تطلق ، لا لاقتضاء الشرط ذلك ; بل للالتزام والإيقاع من جهة المطلق ، وهذا بالنظر إلى وضع اللغة . وأما بالنظر إلى الفقه فدخول الدار ليس هو سبب الطلاق ، إذ لا يناسب ذلك ، وإنما السبب تطليق الزوج الموقوف على الدخول . قال : إن دخلت الدار فأنت طالق
وقد طول الإبياري معه الكلام في ذلك ، ورد عليه أبو العباس بن المنير ، وقال : قال الإمام : إن الشرط يدل في جانب الإثبات صريحا ، وفي جانب النفي ضمنا ، وما حمله على ذلك إلا رؤيته العلل تستعمل بصيغة الشرط كثيرا ، فاعتقد أن الشرط اللغوي علة . قال : وهو عندي أعذر ممن رد عليه ، فإن الذي رد عليه زعم أن قول القائل : إن دخلت الدار فأنت طالق شرط حقيقة قال : والعلة الموجبة لوقوع الطلاق إنما هي إيقاع الزوج عند الشرط ، وإلا فالدخول ليس علة للطلاق شرعا .
وهذا الرد وهم من جهة أن الدخول ، وإن كان ليس علة للطلاق شرعا ابتداء ; لكنه يجوز أن يكون علة له بوضع المطلق وغرضه لأنه قد فوض الشرع إليه في إيقاع الطلاق بلا سبب فيلزم أن يفوض إليه في وضع الأشياء [ ص: 439 ] أسبابا ، ولهذا لا يعلق الطلاق غالبا إلا على وصف مشتمل على حكمة عنده ، مثل أن تكون تلك الدار عورة ، أو فيها ما ينافي غرضه فإذا ارتكبت الزوجة ذلك ناسب الفراق في غرضه وقصده ، وكما أن الطلاق غير مشروط شرعا بدخول الدار ، وقد صار عند هذا القائل مشروطا بوضع المعلق ، فلا مانع من أن يكون غير معلل شرعا ، ويصير معللا بوضع المطلق فعلا يقتضيه . ولهذا لو قال أنت طالق أن دخلت الدار بفتح الهمزة ، وقصد ذلك وكان فصيحا طلقت في الحال . وكان الدخول علة للطلاق لا شرطا .