[ حيلة في المخالفة على نفقتها وسكناها قبل وجوبهما ]
المثال الثالث عشر بعد المائة : جاز ذلك ، وبرئ منهما ، هذا منصوص إذا أراد الرجل أن يخالع امرأته الحامل على سكناها ونفقتها ، وقال أحمد : لا يصح الخلع ، ويجب مهر المثل ، واحتج له بأن النفقة لم تجب بعد فإنها إنما تجب بعد الإبانة ، وقد خالعها بمعدوم ، فلا يصح ، كما لو خالعها على عوض شيء يتلفه عليها ، وهذا اختيار الشافعي أبي بكر عبد العزيز ، وقال أصحاب : إذا خالعها على أن لا سكنى لها ، ولا نفقة فلا نفقة لها ، وتستحق عليه السكنى ، قالوا : لأن النفقة حق لها ، وقد أسقطته ، والسكنى حق الشارع فلا تسقط بإسقاطها ، فيلزم إسكانها . أبي حنيفة
قالوا : فالحيلة على سقوط الأجرة عنه أن يشترط الزوج في الخلع أن لا يكون عليه مؤنة السكنى ، وأن مؤنتها تلزم المرأة في مالها ، وتجب أجرة المسكن عليها .
فإن قيل : لو أبرأت المرأة زوجها عن النفقة قبل أن تصير دينا في ذمته لم تصح ، ولو شرط في عقد الخلع براءة الزوج عن النفقة صح .
[ ص: 36 ] قيل : الفرق بينهما أن الإبراء إذا شرط في الخلع كان إبراء بعوض ، فالإبراء بعوض استيفاء لما وقعت البراءة عنه ; لأن العوض قائم مقام ما وقعت البراءة عنه ، والاستيفاء يجوز قبل الوجوب بدليل ما لو تسلفت نفقة شهر جملة ، وأما الإبراء من النفقة في غير خلع قبل ثبوتها فهو إسقاط لما لم يجب فلا يسقط ، كما لو أسقطت حقها من القسم فإن لها أن ترجع فيه متى شاءت ، وأما قول صاحب المحرر " وقيل : إن أوجبنا نفقة الزوجة بالعقد صح ، وإلا فهو خلع بمعدوم ، وقد بينا حكمه " يعني إن قلنا : إن نفقة الحامل نفقة زوجة ، وإن النفقة لها من أجل الحمل ، وإنها تجب بالعقد فيكون خلعا بشيء ثابت ، وإن قلنا : إن النفقة إنما تجب بالتمكين فقد زال التمكين بالخلع ، وصارت النفقة نفقة قريب ، فالخلع بنفقة الزوجة حينئذ خلع بمعدوم ، هذا أقرب ما يتوجه به كلامه ، وفيه ما فيه ، والله أعلم .