فصل [ من حكمة الله ] اشتراط الحجة لإيقاع العقوبة
وكان من تمام حكمته ورحمته أنه لم يأخذ الجناة بغير حجة كما لم يعذبهم في الآخرة إلا بعد إقامة الحجة عليهم ، وجعل الحجة التي يأخذهم بها إما منهم وهي الإقرار أو ما يقوم مقامه من إقرار الحال ، وهو أبلغ وأصدق من إقرار اللسان ، فإن من قامت عليه شواهد الحال بالجناية كرائحة الخمر وقيئها وحبل من لا زوج لها ولا سيد أولى بالعقوبة ممن قامت عليه شهادة إخباره عن نفسه التي تحتمل [ ص: 77 ] الصدق والكذب ، وهذا متفق عليه بين الصحابة وإن نازع فيه بعض الفقهاء ، وإما أن تكون الحجة من خارج عنهم وهي البينة ، واشترط فيها العدالة وعدم التهمة ; فلا أحسن في العقول والفطر من ذلك ، ولو طلب منا الاقتراح لم نقترح أحسن من ذلك ولا أوفق منه للمصلحة . ووجود المسروق في دار السارق وتحت ثيابه