ومما يظن أنه يخالف القياس ما رواه أن علي بن رباح اللخمي ، فقضى رجلا كان يقود أعمى ، فوقعا في بئر ، فخر البصير ، ووقع الأعمى فوقه فقتله رضي الله عنه بعقل البصير على الأعمى ، فكان الأعمى يدور في الموسم وينشد : عمر بن الخطاب
يا أيها الناس لقيت منكرا هل يعقل الأعمى الصحيح المبصرا خرا معا كلاهما تكسرا
وقال بعض الفقهاء : القياس أنه ليس على الأعمى ضمان البصير ; لأنه الذي قاده إلى المكان الذي وقعا فيه وكان سبب وقوعه عليه ، وكذلك لو فعله قصدا منه لم يضمنه بغير خلاف وكان عليه ضمان الأعمى ، ولو لم يكن سببا لم يلزمه ضمان بقصده ، قال في المغني : لو قيل هذا لكان له وجه ، إلا أن يكون مجمعا عليه فلا يجوز مخالفة الإجماع . أبو محمد المقدسي
والقياس حكم ; لوجوه : أحدها : أن قوده له مأذون فيه من جهة الأعمى ، وما تولد من مأذون فيه لم يضمن كنظائره . عمر
الثاني : قد يكون قوده له مستحبا أو واجبا ، ومن فعل ما وجب عليه أو ندب إليه لم يلزمه ضمان ما تولد منه .
الثالث : أنه قد اجتمع على ذلك الإذنان إذن الشارع وإذن الأعمى ، فهو محسن بامتثال أمر الشارع محسن إلى الأعمى بقوده له ، وما على المحسنين من سبيل ، وأما الأعمى فإنه سقط على البصير فقتله ، فوجب عليه ضمانه ، كما لو ، فهذا هو القياس . سقط إنسان من سطح على آخر فقتله
وقولهم : " هو الذي قاده إلى المكان الذي وقعا فيه " فهذا لا يوجب الضمان ; لأن قوده مأذون فيه من جهته ومن جهة الشارع ، وقولهم : " وكذلك لو فعله قصدا لم يضمنه " فصحيح ; لأنه مسيء وغير مأذون له في ذلك ، لا من جهة الأعمى ولا من جهة الشارع ، فالقياس المحض قول ، وبالله التوفيق . عمر