( قوله ولخادم لو موسرا ) أي تجب ; لأن كفايتها واجبة عليه ، وهذا من تمامه إذ لا بد منه فيلزمه للخادم أدنى الكفاية لا تبلغ نفقة المرأة ، وكذا كسوته بأرخص ما يكون ويفرض للخادم خف ; لأنها تحتاج إلى الخروج بخلاف المرأة ، كذا في الخانية وفسر في الهداية نفقة الخادم بما يلزم المعسر من نفقة امرأته وشرط في البدائع وشرح النفقة والكسوة لخادم المرأة في وجوب نفقة خادمها أن لا يكون له شغل غير خدمتها بأن يكون متفرغا لها وأطلق الطحاوي المصنف في الخادم ولم يضفه إليها للاختلاف في تفسيره فقيل هو كل من يخدمها حرا كان أو عبدا ملكا لها أو له أو لهما أو لغيرهما و ظاهر الرواية عن أصحابنا الثلاثة كما في الذخيرة أنه مملوكها فلو لم يكن لها خادم لا يفرض عليه نفقة خادم ; لأنها بسبب ملكها له فإذا لم يكن في ملكها لا يلزمه نفقته كالقاضي إذا لم يكن له خادم لا يستحق نفقة الخادم في بيت المال وظاهر كلامهم أن خادمها هو المملوك لها سواء كان عبدا أو جارية ولهذا ذكر في غاية البيان أن الخادم واحد الخدام غلاما كان أو جارية وبه تبين أن تفسير الزيلعي خادمها بالجارية المملوكة لها في ظاهر الرواية فيه نظر وينبغي أن يدخل [ ص: 199 ] المدبر والمدبرة تحته وبهذا علم أنه إذا لم يكن لها خادم مملوك لا يلزم الزوج كراء غلام يخدمها لكن يلزمه أن يشتري لها ما تحتاج إليه من السوق كما صرح به في الفتاوى السراجية وقيد بالخادم ; لأنه لا يلزمه نفقة أكثر من خادم واحد لها وهذا عندهما ، وقال يفرض لخادمين ; لأنها تحتاج إلى أحدهما لمصالح الداخل وإلى الآخر لمصالح الخارج ولهما أن الواحد يقوم بالأمرين فلا ضرورة إلى اثنين قال أبو يوسف وروى صاحب الإملاء عن الطحاوي أن المرأة إذا كانت ممن يجل مقدارها عن خدمة خادم واحد أنفق على من لا بد لها منه من الخدام ممن هو أكثر من الخادم الواحد أو الاثنين أو أكثر من ذلك قال وبه نأخذ في غاية البيان وفي الظهيرية والولوالجية المرأة إذا كانت من بنات الأشراف ولها خدم يجبر الزوج على أجرة خادمين ا هـ . أبي يوسف
فالحاصل أن المذهب الاقتصار على واحد مطلقا والمأخوذ به عند المشايخ قول وفي فتح القدير والذخيرة لو كان له أولاد لا يكفيهم خادم واحد فرض عليه لخادمين أو أكثر مقدار ما يكفيهم اتفاقا وفي التجنيس امرأة لها مماليك قالت لزوجها أنفق عليه من مهري فأنفق فقالت لا أجعلها من المهر ; لأنك استخدمتهم فما أنفق بالمعروف فهو محسوب عليها ; لأنه بأمرها ا هـ . أبي يوسف
وأطلق في وجوب نفقة الخادم فشمل ما إذا أراد الزوج أن يخدمها أو يخدمها خادمه ولا ينفق على خادمها قال في الخانية وإن قال الزوج أنا أخدمك أو تخدمك جارية من جواري ، الصحيح أن الزوج لا يملك إخراج خادم المرأة من بيته وعلله الولوالجي بأن المرأة عسى لا تتهيأ لها الخدمة بخدم الزوج وظاهره أنه يملك إخراج ما عدا خادم واحد من بيته ; لأنه زائد على قولهما وأطلق في المرأة فشمل الأمة والحرة الشريفة والوضيعة لكن في الخلاصة معزيا إلى الفتاوى الصغرى المنكوحة إذا كانت أمة لا تستحق نفقة الخادم ونفقة الخادم لبنات الأشراف ا هـ .
ولا يتصور أن يكون للأمة خادم على ظاهر الرواية ; لأنه المملوك للمرأة ولا مالك للأمة وإنما هو على قول من فسر الخادم بكل خادم مملوكا لها أو لا ، وقد أخذ بعضهم بما في الخلاصة أنها إذا كانت من الأرذال لا تستحق نفقة الخادم وإن كانت حرة ; لأنه قيدها ببنات الأشراف قال في فتح القدير ويوافقه ما قيد به كلام الفقيه أبو الليث الخصاف حيث قال في أدب القاضي : لو فرض ما يحتاج إليه من الدقيق والدهن واللحم والإدام فقالت لا أعجن ولا أخبز ولا أعالج شيئا من ذلك لا تجبر عليه وعلى الزوج أن يأتيها بمن يكفيها عمل ذلك قال هذا إذا كان بها علة لا تقدر على الطبخ والخبز أو كانت ممن لا تباشر ذلك فإن كانت ممن تخدم نفسها وتقدر على ذلك عليه أن يأتيها بمن يفعله وفي بعض المواضع تجبر على ذلك قال الفقيه أبو الليث السرخسي لا تجبر ، ولكن إذا لم تطبخ لا يعطيها الإدام وهو الصحيح وقالوا إن هذه الأعمال واجبة عليها ديانة وإن كان لا يجبرها القاضي ا هـ .
ولذا قال في البدائع لو استأجرها للطبخ والخبز لم يجز ولا يجوز لها أخذ الأجرة على ذلك ; لأنها لو أخذت لأخذت على عمل واجب عليها في الفتوى فكان في معنى الرشوة فلا يحل لها الأخذ ا هـ .
وهو شامل لبنات الأشراف أيضا ; ولذا استدل في البدائع لوجوبه ديانة بأنه عليه السلام { قسم الأعمال بين علي فجعل أعمال الخارج على وفاطمة وأعمال الداخل على علي فاطمة } ا هـ .
مع أنها سيدة نساء العالمين رضي الله تعالى عنها وأبوها صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق أجمعين وقيد بيسار الزوج ; لأنه لا يجب عليه نفقة الخادم عند إعساره وهو رواية الحسن عن وهو الأصح خلافا لما قاله أبي حنيفة ; لأن الواجب على المعسر أدنى الكفاية وهي قد تكتفي بخدمة نفسها ، كذا في الهداية وتعقبه في فتح القدير بأنه مخالف لما ذكره أولا من لزوم اعتبار حالهما وأنه عند إعساره دونها ينفق بقدر حاله والباقي دين عليه وقياسه أن تجب النفقة [ ص: 200 ] للخادم دينا عليه ا هـ . محمد
وقد يقال إنما قيل في نفقتها ذلك للجمع بين الدليلين الآية وحديث هند وليس ذلك في الخادم فبقي على الأصل من اعتبار حاله وفي الذخيرة ولا تقدر نفقة الخادم بالدراهم على ما ذكرنا في نفقة المرأة ، بل يفرض لها ما يكفيها بالمعروف ، ولكن لا تبلغ نفقة خادمها نفقتها ; لأن الخادم تبع للمرأة فتنقص نفقة الخادم عن نفقتها ولم يرد بالنقصان النقصان في الخبز ; لأن النفقة بقدر الكفاية وعسى أن تستوفي الخادم من الخبز في الأكل أكثر مما تستوفي المرأة وإنما أراد به النقصان في الإدام ا هـ .
وفيه أيضا والكسوة للخادم على المعسر قميص كرباس في الشتاء وإزار ورداء كأرخص ما يكون وفي الصيف قميص مثل ذلك وإزار وعلى الموسر في الشتاء قميص وطيء وإزار كرباس وكساء رخيص وفي الصيف قميص مثل ذلك وإزار ، ثم لم يفرض للخادمة الخمار وفرضها للمرأة ; لأن الخمار لستر الرأس ، ورأس المرأة عورة ورأس الخادم ليس بعورة وفرض لها الإزار ; لأن الخادم تحتاج إلى الخروج قال مشايخنا ما ذكره في الكتاب من ثياب الخادم فهو بناء على عاداتهم وذلك يختلف باختلاف الأمكنة في شدة الحر والبرد باختلاف العادات في كل وقت فعلى القاضي اعتبار الكفاية في نفقة الخادم فيما يفرض في كل وقت ومكان ا هـ . محمد
وما ذكره من كسوة الخادم على المعسر إنما هو على قول كما لا يخفى وفي غاية البيان ، واليسار مقدر بنصاب حرمان الصدقة لا بنصاب وجوب الزكاة ا هـ . محمد
وإن اختلفا في اليسار والإعسار فالقول قوله إلا أن تقيم المرأة البينة ويشترط العدد والعدالة في هذا الخبر ولا يشترط لفظة الشهادة وإن أقاما البينة فبينتها أولى ، كذا في الخانية ، ثم اعلم أن نفقة الخادم إنما تجب على الزوج بإزاء الخدمة فإن امتنعت من الطبخ والخبز وأعمال البيت لم تستحق النفقة ; لأنه لم يوجد ما تستحق النفقة بمقابلتها بخلاف نفقة المرأة فإنها في مقابلة الاحتباس فإذا لم تعمل تستحق النفقة ، وهذا هو ظاهر الرواية ، كذا في الذخيرة .