وقوله: بل قالوا أضغاث أحلام ؛ أي: قالوا: الذي يأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - أضغاث أحلام؛ وجاء في التفسير: أهاويل أحلام؛ و"الأضغاث"؛ في اللغة: الأشياء المختلطة؛ بل افتراه بل هو شاعر ؛ أي: أخذوا ينقضون أقوالهم بعضها ببعض؛ فيقولون مرة: "هذه أحلام"؛ ومرة: "هذا شعر"؛ ومرة: "مفترى"؛ فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ؛ فاقترحوا الآيات التي لا يقع معها إمهال إذا كذب بها؛ فقال الله - عز وجل -: ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون ؛ أي: ما آمن أهل قرية أتتهم هذه الآيات حتى أوجب الله استئصالهم؛ وإهلاكهم بالعذاب.
والله جعل موعد هذه الأمة القيامة ؛ فقال: [ ص: 385 ] بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر ؛ والله قد أعطاهم الآيات التي تبينوا بها نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ من القرآن؛ الذي دعوا أن يأتوا بسورة مثله؛ ومن انشقاق القمر؛ ومن قوله: ليظهره على الدين كله ؛ فظهر أهل الإسلام حتى صاروا أكثر من كل فرقة؛ فليس أهل ملة واحدة لهم كثرة أهل الإسلام؛ وأظهره الله أيضا بالحجة القاطعة.