وقال قوم: إن الخلق يردونها؛ فتكون على المؤمن بردا وسلاما؛ ثم يخرج منها؛ فيدخل الجنة؛ فيعلم فضل النعمة لما يشاهد فيه أهل العذاب؛ وما رأى فيه أهل النار؛ وقال ؛ ابن مسعود ؛ والحسن : "إن ورودها ليس دخولها"؛ وحجتهم في ذلك جيدة جدا من جهات؛ إحداهن أن العرب تقول: "وردت ماء كذا"؛ ولم تدخله. وقتادة
وقال الله - عز وجل -: ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ؛ وتقول إذا بلغت البلد ولم تدخله: "قد وردت بلد كذا وكذا"؛ قال أبو إسحاق : والحجة القاطعة في هذا القول ما قال الله - عز وجل -: إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها "؛ فهذا - والله أعلم - دليل أن أهل الحسنى لا يدخلون النار .
[ ص: 342 ] وفي اللغة: "وردت بلد كذا وكذا"؛ إذا أشرفت عليه؛ دخلته أو لم تدخله؛ قال زهير :
فلما وردن الماء زرقا جمامه وضعن عصي الحاضر المتخيم
المعنى: "بلغن إلى الماء"؛ أي: أقمن عليه؛ فالورود ههنا بالإجماع ليس بدخول؛ فهذه الروايات في هذه الآية؛ والله أعلم.