وجاءه قومه يهرعون إليه ؛ أي: يسرعون في المجيء؛ فراودوه عن ضيفه؛ وحاولوا فتح بابه؛ فأعلمته الملائكة أنهم رسل الله؛ وأن قومه الفسقة لن يصلوا إليهم؛ فقال لهم لوط - حين راودوه -: هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي ؛ فقيل: إنهم عرض عليهم التزويج؛ وكأنه عرضه عليهم إن أسلموا؛ وقيل: "هؤلاء بناتي": نساء أمتي؛ فكأنه قال لهم: التزويج أطهر لكم؛ فلما حاولوا فتح الباب طمس الله أعينهم؛ قال الله - عز وجل -: ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم ؛ ولما استعجلوه بالعذاب؛ قالت له الرسل: إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب
هن أطهر لكم ؛ القراءة بالرفع في "أطهر"؛ وقد رويت عن "هن أطهر لكم"؛ وعن الحسن: عيسى بن عمر ؛ وذكر أن سيبويه ابن مروان لحن في هذه في نصبها؛ وليس يجيز أحد من البصريين وأصحابهم نصب "أطهر"؛ ويجيزها [ ص: 68 ] غيرهم؛ والذين يجيزونها يجعلون "هن"؛ في هذا بمنزلتها في "كان"؛ فإذا قالوا: "هؤلاء بناتي أطهر لكم"؛ أجازوا "هن أطهر لكم"؛ كما يجيزون "كان زيد هو أطهر من عمرو"؛ وهذا ليس بمنزلة "كان" .
إنما يجوز أن يقع "هو"؛ وتثنيتها وجمعها "عمادا"؛ فيما لا يتم الكلام إلا به؛ نحو: "كان زيد أخاك"؛ لأنهم إنما أدخلوا "هم"؛ ليعلموا أن الخبر لا بد منه؛ وأنه ليس بصفة للأول؛ وباب "هذا"؛ يتم الكلام بخبره؛ إذا قلت: "هذا زيد"؛ فهو كلام تام؛ ولو جاز هذا لجاز "جاء زيد هو أنبل من عمرو" .
وإجماع النحويين الكوفيين؛ والبصريين؛ أنه لا يجوز "قدم زيد هو أنبل منك"؛ حتى يرفعوا؛ فيقولوا: "هو أنبل منك"؛ وبعد؛ فالذين قرؤوا بالرفع هم قراء الأمصار؛ وهم الأكثر؛ قد قرأ "الشياطون"؛ و"الشياطون"؛ ممتنع في العربية. والحسن
وقد قال بعضهم: إن المشركين في ذلك الدهر قد كان لهم أن يتزوجوا من المسلمين.