ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنـزل الله بغيا أن ينـزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين وإذا قيل لهم آمنوا بما أنـزل الله قالوا نؤمن بما أنـزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين ( 91 )
* * *
ذكرهم الله تعالى بأعمال سلفهم مع الأنبياء بصورة عامة ، ثم بدأ سبحانه وتعالى أعمالهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بصفة خاصة ، وهي في ذاتها أشد كفرا مما كان من أسلافهم مع الأنبياء السابقين ، ولذا كان الخطاب متصلا بخطاب أسلافهم ، فأسلاف أخذ عليهم الميثاق لا يعبدون إلا الله ، وأسلاف أخذ عليهم الميثاق ألا يسفكوا دماءهم وألا يخرجوا أنفسهم من ديارهم ، خوطب أسلافهم بذلك ، وكان الخطاب موجها [ ص: 309 ] لهم ، والميثاق في رقابهم ولذلك ندد بقتلهم أنفسهم ، وإخراجهم فريقا منهم من ديارهم .
قال تعالى : ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم أخبر سبحانه وتعالى أنهم جاءهم كتاب ، وهو قد جاء مع رسول من بني إسماعيل عليه السلام بهذا الكتاب ، فذكر الكتاب ، وهو يقتضي أن يكون مع رسول ، فأعلم بالكتاب لأن الأمر أنه كتاب يشتمل على المواثيق مثل المواثيق التي أخذت عليهم ، ونقضوها ، فهو ميثاق جديد للمواثيق التي جاءتهم من قبل ، ولم يذكر اسم الرسول ، لأن الاعتبار لهذا الكتاب الذي وصفه الله تعالى بوصفين أنه من عند الله تعالى ، وما يكون من عند الله جدير بأن يتقبلوه بقبول حسن ، وأن يأخذوه بمأخذ الطاعة لأوامره ونواهيه ، والوصف الثاني أنه مصدق لما معهم فهو مصدق لما جاء في التوراة من وصف للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومصدق للمواثيق التي أخذت عليهم من ألا يعبدوا إلا الله ولا يشركوا به شيئا ، وأن يحسنوا إلى الأبوين وذوي القربى واليتامى والمساكين ، وابن السبيل ، وأن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، وأن يقولوا للناس حسنا من القول ، ويترتب على ذلك المعاملة الطيبة ، وإن هذا النبي الذي جاء معه الكتاب الذي أنزله الله تعالى ، وهو مصدق لما معهم من أوامر ونواه ومواثيق أخذت عليهم بقوة - قد كانوا يعلمون بمجيئه ويتوقعونه .
ومعنى تصديق الكتاب لما معهم أنه تصديق لما معهم من كتاب كانوا يكتبونه بأيديهم ، ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ، حتى يجيء بعض البهتانيين الكاذبين من دعاة نصرانية بولس ، فيقولون إن القرآن صدق ما بأيديهم من محرف التوراة المحرفة والمنحرفة والإنجيل المحرف ، إنما صدق القرآن الأوامر الأصلية مما اشتمل المواثيق التي أخذت عليهم بقوة ، ولم يصدق الذي حرفوه ولا المنحرف عن الحق والخلق المستقيم ، كالذي اشتملت من أن نبي الله داود زنى بحليلة جاره ، وأرسله إلى الميدان ليخلو له وجه عشيقته ، ذلك إفك بين لا يليق بأخلاق نبي جعله الله تعالى خليفته في الأرض ولا يليق بذي خلق كريم ، فهل هذا ما صدق به [ ص: 310 ] الكتاب ما معهم ، ذلك هو الضلال البعيد ، ولن يكون في كتاب منزل من عند الله ، ولا يدعيه إلا الذين هوت نفوسهم إلى مثل هذا الحضيض الأوهد من الأخلاق .
وإن اليهود الذين كانوا في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يعلنون أنه سيكون نبي ، وأنهم يتوقعون أن لا يكون منهم كما ذكر من قبل ; ولذلك قال الله تعالى : وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا السين والتاء للطلب أي يطلبون الفتح ، والفتح هو النصر كما في قوله تعالى : فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده وأطلق الفتح على النصر العادل ، لأن النصر يفتح الطريق أمام الحق ، وقد بشر الله تعالى بالنصر في قوله تعالى : إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا
كان اليهود إذا كانوا في حرب مع المشركين ممن يجاورونهم في المدينة يطلبون النصر بالنبي الذي حان حينه وحل أوانه ويحسبون أنه سينصرهم على المشركين ; لأنه سيجيء بمحو عبادة الأوثان وتحطيمها .
روى بسنده عن محمد بن إسحاق قتادة الأنصاري عن أشياخ منهم : قال : فينا والله وفيهم ، ( يعني في الأنصار واليهود الذين كانوا جيرانهم ) نزلت هذه الآية : ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به كنا قد علوناهم قهرا دهرا في الجاهلية ، ونحن أهل شرك وهم أهل كتاب ، وهم يقولون : إن نبيا سيبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم ، فلما بعث الله رسوله ، وكان من قريش آمنا به واتبعناه وكفروا به .
ولم يكن ذلك الاستفتاح بين اليهود من بني النضير وجيرانهم في المدينة ، بل كان بين اليهود ، وغيرهم في داخل الجزيرة ، يروي رضي الله عنهما أنه كانت يهود ابن عباس خيبر تقاتل غطفان ، فلما التقوا هزمت يهود خيبر فدعت بهذا [ ص: 311 ] الدعاء . وقالوا : إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه إلا تنصرنا عليهم " فكان إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء ، فهزموا غطفان .
كان معروفا عند اليهود ذلك النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، يستفتحون به ويدعون الله بحقه أن ينصرهم ، ولكنهم كسائر أسلافهم يتبعون أهواءهم ، فلما جاء من غير قبيلهم أنكروا معرفتهم ، وادعوا أنه لا ينطبق عليه أوصاف من كان يستفتحون به ، وهم كما قال الله تعالى : يعرفونه كما يعرفون أبناءهم
ولذا قال تعالى : فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به الفاء للترتيب أي أنهم مع هذا الاستفتاح ترتب نقيضه وهو أنهم لما جاءهم الذي عرفوه جحدوه وكفروا به ، فهم رتبوا على الشيء نقيضه وبدل أن يذعنوا للحق الذي عرفوه أنكروه وكفروا به ، وهكذا شأنهم هم وأسلافهم دائما يعرفون الحق ويكفرون به ، عرفوا باطل فرعون ومع ذلك اتخذوا العجل .
عبر قوله تعالى عن إدراكهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - وعلمهم به بأنهم عرفوه ، والمعرفة هي العلم الجازم المطابق للواقع عن دليل ، ومع ذلك كفروا به ، فكانوا مطرودين عن رحمة الله ، والحق الذي جاء به النبيون ، ولذا قال تعالى : فلعنة الله على الكافرين الفاء للإفصاح ، إذ تفصح عن شرط مقدر مؤداه إذا كانوا قد كفروا بما عرفوا واستيقنوا فلعنة الله تعالى عليهم ، وأظهر في موضع الإضمار للتصريح بأنهم صاروا في عداد الكافرين ، وخرجوا عن دائرة المؤمنين الذين يؤمنون بأي شيء في كتابهم فهم قد كفروا بكتابهم وبما عندهم واللعنة هي الطرد ، ووراء الطرد المذلة ، وإن كفرهم هو السبب في طردهم وذلتهم .
بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنـزل الله بغيا أن ينـزل الله من فضله على من يشاء من عباده بئس من أفعال الذم كنعم من أفعال المدح ، ويكون معها تمييز ثم يعقبه المخصوص بالذم أو المدح كأن تقول : نعم محمد رجلا ، فـ " رجلا " تمييز [ ص: 312 ] ومحمد المخصوص بالمدح أو الذي يمدح وقد تكون ( ما ) هي التمييز فتكون نكرة تامة بمعنى شيء مذموم .
فـ " ما " - هنا على ما يخرجه النحاة نكرة موصوفة بالذم - لما اشتروا به أنفسهم - ويكون المعنى بئس شيئا مذموما ، والمخصوص بالذم هو أن يكفروا بما أنزل الله بغيا . . إلى آخره . فاشتروا هنا بمعنى باعوا ، أي أنه بئس هذا الفعل الذي باعوا أنفسهم أن يكفروا بما أنزل بغيا ظلما وحسدا وحقدا .
هذا ما يقوله النحويون في " ما " ونحن لا نرى مانعا من أن تكون اسما موصولا بمعنى الذي ، فيكون المعنى بئس الذي باعوا به أنفسهم فقد باعوها بأمر حقير مضرته شديدة وهو أن يكفروا بما أنزل الله تعالى من قرآن كريم هاد إلى الرشاد وإلى سواء السبيل ، وقوله : بغيا مفعول لأجله أي لأجل ما في نفوسهم من حسد أدى إلى ظلم شديد ، والبغي في أصله طلب الشيء بشدة ، إرضاء لهوى ، وأن ذلك يؤدي إلى أن يطلب الشيء بغير حله ، وإلى الظلم ; ولذلك أطلق البغي على الظلم الذي يبتغى ويطلب في حرص ولذا يقول تعالى : إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون
وإن ذلك البغي الناتج عن الهوى والحسد هو أنهم يكرهون أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده ومعنى النص الكريم أن يكفروا بما أنـزل الله لأجل البغي المستكن في نفوسهم ، وهو كراهية أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده .
فهم ارتكبوا إثمين كبيرين بذلك :
أولهما - الكفر بما أنزل الله تعالى وذلك إثم في ذاته ، وهو كفر مبين ; لأن من ينكر ما أنزل الله تعالى ، وقد قامت بيناته ، وعرفوه من قبل في كتبهم فقد كفر كفرانا مبينا .
وثانيهما - أن الباعث إثم عظيم واغترار ، بأنهم المختارون وحدهم لرسالة الله - فمعنى من فضله أي من رسالة ربه ، فهي من فضل الله ، والله ذو الفضل العظيم ، يختص برحمته من يشاء والله أعلم حيث يجعل رسالته .
[ ص: 313 ] إن اليهود يحسدون محمدا - صلى الله عليه وسلم - لأنه جاء من ولد إسماعيل لا من ولد إسحاق ، يريدون أن يكون خاتم النبيين من ولد إسحاق ، فهم يكفرون بما أنزل الله تعالى لأنهم يكرهون أن ينزل الله رسالته على من يشاء من عباده ، فهم يريدون أن تكون إرادة الله تعالى على هواهم في إرسال الرسل ، وقد بين الله تعالى أن ذلك أدى إلى غضبه عليهم ، وبعدهم عن رحمته ; ولذا قال تعالى : فباءوا بغضب على غضب أي فرجعوا وكانت النتيجة لهذا البغي والحسد ، أن نزل بهم غضب ، والمراد أنهم باءوا بغضب متزايد متكاثر شديد لتزايد أسبابه ، وتعدد دواعيه ، وبواعثه .
ويقول فخر الدين الرازي : " إن غضب الله تعالى يتزايد ويكثر فلا يكون غضبه على من كفر بخصلة واحدة كغضبه على من كفر بخصال متعددة " .
وقد كفر اليهود الذين خاطبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتين كما أشرنا ، إحداهما - بكفرهم بما أنزل الله تعالى ، وقد عرفوه من قبل ، وكانوا يعرفون النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يعرفون أبناءهم ، والثانية - أنهم يريدون أن يكون أمر الله تعالى في رسله على هواهم .
ولذلك قال تعالى : فباءوا بغضب على غضب والغضب يكون حالا تليق بذات الله تعالى يتجلى في عدم رضاه وإنزاله العذاب بمن يغضب عليه وطرده من رحمته ولعنه ، وكل ما يذكر الله تعالى من صفات وأحوال يتشابه أسماؤه مع ما يتصف به من صفات وما تكون عليه من أحوال لا يكون مشابها لنا ، بل يكون أمرا يليق بالذات العلية : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير تعالى الله عن مشابهة الحوادث .
ولقد ذكر سبحانه وتعالى ما ينزله بهم سبحانه من عذاب فقال تعالى : وللكافرين عذاب مهين أي عذاب يوقعهم في الذل والمهانة ، وذكر سبحانه وتعالى العذاب لهم بأنه مهين مذل موقع في المهانة ; لأنه عقاب لاستعلائهم الكاذب ، وغرورهم حتى حسبوا أن الله تعالى يتصرف كما يهوون ، وكما يبتغون ، والله تعالى القاهر فوق عباده وهو الحكيم العليم .
[ ص: 314 ] وإن الله يذل دائما كل من يتطاول ، ويتسامى بغرور ، روى الشيخان عن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أبي هريرة " ، ونحن نقول مقتدين بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، متبعين له : اشتد غضب الله على كل عتل جبار أذل البلاد ، وأفسد العباد ، وأنه القادر الذي ليس فوقه أحد . اشتد غضب الله على من زعم أنه ملك الأملاك لا ملك إلا الله
وإن اليهود سيرا على غلوائهم وزعمهم الفاسد أنه لا نبي إلا من بينهم . إنهم يبغون حسدا لغيرهم إذا قيل آمنوا بما أنزل الله قالوا لا نؤمن إلا بما أنزل علينا ، ولذلك قال تعالى فيهم : وإذا قيل لهم آمنوا بما أنـزل الله قالوا نؤمن بما أنـزل علينا ويكفرون بما وراءه
كان الكلام للغيبة ، ولم يكن بالخطاب لأنه للحاضرين من بني إسرائيل إذ هم الذين يعتذرون ذلك الاعتذار وبه يجحدون ذلك الجحود ، وكان الكلام بالغيبة فيه تنديد بهم وبأسلافهم من قبل ، وقوله تعالى : وإذا قيل لهم بالبناء للمجهول لكثرة القائلين ، فكتبهم تقول لهم ذلك ، وهم أنفسهم كانوا يقولون ذلك ، إذا كانوا يستفتحون على الذين كفروا بالنبي الأمي - صلى الله عليه وسلم - ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون يدعونهم ، وحلفاؤهم من المؤمنين كانوا يدعونهم ، فكثر القائلون ، وإن البناء للمجهول له معنى آخر ، وهو تركيز القول على ما يكون من ردهم للداعي فهذا موضع اللام ، فلا لوم على من قال ، فلا حاجة إلى ذكره ، إنما اللوم كله في ردهم .
القائل يدعوهم إلى الإيمان بما أنزل فيقول آمنوا بما أنزل الله تعالى ، فالله هو الذي أنزله وهو جدير بالإيمان به ، لأنه من عند الله والكفر به كفر بالله تعالى .
[ ص: 315 ] وردهم نؤمن بما أنزل علينا ، أي لا نرى الإيمان إلا بما أنزل علينا نحن مع أن المنزل واحد ، وهو الله تعالى ولكنهم يغالون في اتباع هواهم وشهواتهم ، فيزعمون أنه لا أنبياء إلا فيهم وإنهم يكفرون بما وراءه ، أي بكل ما جاء بعده ، فوراء يبين ما جاء خلفهم وبعدهم كما كفروا من قبل بعيسى عليه السلام .
ويبين الله تعالى أن ما أنزل من القرآن هو الحق وهو مصدق لما معهم ، فقد وصفه سبحانه وتعالى بوصفين أحدهما ذاتي وهو الحق أي أنه ثابت في ذاته ما أتى إلا بأمور ثابتة يقرها العقل ، وتقرها الفطرة ، وتدل عليها البينات وهو ذاته معجز ، مثبت وجوده بنفسه ، لا يحتاج إلى بينات وراءه ، والثاني إضافي وهو أنه مصدق لما تضمنته المواثيق التي أخذت عليهم ، وهذا الوصف يرد زعمهم الفاسد ، بإثبات عدم المغايرة بين ما جاءهم به النبي - صلى الله عليه وسلم - وما نزل ، وبين ما عندهم ; فالأصل واحد وأن تفريقهم بين ما أنزل الله من قرآن ، وما أنزل عليهم تفرقة بين شيئين غير متغايرين إن كانوا يؤمنون حقا بالحق من كتبهم .
ولكنهم قوم لا يؤمنون بشيء لا بما عندهم ، ولا بما أنزل الله من قرآن كريم ، ولذا قال تعالى مثبتا كفرهم بكل شيء ، بالوقائع التي كانت من أسلافهم ، وارتضوها هم ، فقال تعالى : قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين والمعنى : قل لهم يا نبي الله ، إن كنتم تزعمون أنكم آمنتم بما عندكم ، فلم تقتلون أنبياء الله ; أي الأنبياء الذين بعثهم الله تعالى إليكم ، وذكر الأنبياء مضافين إلى الله تعالى لإثبات جحودهم المطلق ، وأنهم يعاندون أوامر الله تعالى سواء أكان من بعثه من ولد إسحاق أم كان من ولد إسماعيل ، فقد قتلوا زكريا ويحيى ، وهما من ولد إسحاق ، وإنه إذا كان عندهم بقية من إيمان فما كان يسوغ قتل أنبياء الله ، ولذلك قال تعالى في ختام الآية الكريمة : إن كنتم مؤمنين أي أن ما كان منهم في ماضيهم وأمره حاضرهم يتنافى مع صفات المؤمنين وذلك تنديد بهم ، وبيان أنهم لم يؤمنوا بالكتاب الذي جاء مصدقا لما معهم ، ولا يؤمنون بما عندهم .
* * *