الثالثة: أنه باللغة العربية؛ ولذا قال - عز من قائل -: بلسان عربي مبين ؛ " اللسان " ؛ هنا: اللغة؛ لأنها تكون باللسان؛ وهو متميزها؛ وأداتها؛ وأطلق اللسان وأريد المسبب له؛ وهو اللغة؛ وكل لغة تخص لسانا في أدائها؛ ونغمتها؛ وصوتها؛ وأداؤها في القرآن الكريم كان باللغة العربية؛ فليس بقرآن ما لا يكون باللغة العربية؛ فترجمة القرآن إن كانت ممكنة؛ - وهي ليست ممكنة -؛ ليست قرآنا؛ وقوله: " مبين " ؛ أي: واضح في تميزه ومعانيه؛ ومقاصده؛ ومعانيه؛ وهي في أعلى درجات الإعجاز بهذا البيان؛ ولغيره مما اشتمل عليه. [ ص: 5409 ] الرابعة: أن أكثر ما فيه من معان وقصص؛ وشرائع في زبر الأولين؛ أي أن القرآن الكريم بعضه في كتب الأولين؛ و " الزبر " ؛ جمع " زبور " ؛ وهو الكتاب؛ وإن ذلك يكون على أن الضمير يعود إلى الكتاب؛ ومقتضى السياق؛ ويكون المعنى على هذا: إن هذا الكتاب مشار إليه في الكتب السابقة؛ وهو مهيمن عليها؛ مبين للصحيح؛ كما في قوله (تعالى): وأنـزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه
ويصح أن يكون الضمير عائدا على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه مبشر به في التوراة والإنجيل؛ كما قال (تعالى): الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنـزل معه أولئك هم المفلحون