وقد أشرنا إلى ذلك من قبل؛ وقد خاطب بعد ذلك نبي الله لوط قومه مستنكرا شنيع أفعالهم؛ فقال - عليه السلام - فيما حكاه الله عنه من: أتأتون الذكران من العالمين الذكران ؛ جمع " ذكر " ؛ كـ " ذكور " ؛ ولكن جاء النص كذلك ليكون تشنيعا أشد؛ وأحسب أنه لا يكون " ذكران " ؛ جمعا إلا لذكور الإنسان؛ وفي التعبير أتأتون الذكران من العالمين ؛ كناية لطيفة؛ والاستفهام لاستنكار الواقع بمعنى التوبيخ؛ وبيان شناعة العمل؛ لأنه ضد الفطرة؛ وعبر بالإتيان كإتيان الرجل المرأة؛ ولكنه في دبره؛ فهو إفساد للفطرة؛ وأحسن من عبر عنه بالشذوذ الجنسي; لأنه دليل على فساد الفطرة وشناعة الفعل في ذاته؛ وقوله (تعالى): من العالمين ؛ أي: من أهل المعرفة والعلم؛ ولا يرضى بذلك إلا من هو أشد فسادا من الفاعلين؛ وإن ذلك يشيع ويكثر كلما فسدت الفطر؛ وقد كثر في الماضي في قوم لوط؛ وكثر في الحاضر في أهل أوربا وأمريكا؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله.