فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين
أي: فإن أعرضوا ولم يبتهلوا لتكون لعنة الله على الكاذبين، وكلمة الحق هي الغالبة المسيطرة، فاعلم أنهم ليسوا طلاب حق وهداية ولكنهم دعاة باطل، وفي دعاوى الباطل يكون الفساد في الأرض؛ لأنه لا فساد في الأرض أكثر من فساد الاعتقاد، فإن فساد الاعتقاد، يدفع إلى فساد العمل.
وقوله تعالى: فإن الله عليم بالمفسدين ليس هو جواب الشرط ولكنه ينبئ عن جواب الشرط المحذوف، إذ تقدير القول: فإن تولوا وأعرضوا فأنذرهم بسوء المغبة وسوء العقبى، فإن الله عليم بالمفسدين. وهذه الجملة السامية تتضمن في ذاتها تهديدا شديدا، إذ ويوم القيامة يأخذه بالنواصي والأقدام، وكذلك الشأن في كل من يعرضون عن الحق إذا دعوا إليه. إن الله تعالى إذا علم بالمفسد لا يسكت عنه، ولا يتركه يعيث في الأرض فسادا، بل إنه يأخذه أخذ عزيز مقتدر،
اللهم مكن الحق من قلوبنا، واجعلنا ممن يؤمنون به، ويذعنون له، وأعز الإسلام، واجعل أهله يؤمنون به، ويفتدونه، إنك أنت العزيز الحكيم.