ولقد ختم الله سبحانه وتعالى قصص عيسى بقوله تعالى:
ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم
ذلك القصص الذي ذكرت فيه قصة آل عمران ، وقصة مريم وولادتها وزكريا ونداءه وإجابته، وعيسى وروحانيته وآياته الباهرة، نتلوه، أي: نقصه عليك بعضه تلو بعض فنتلوه في بيان رائع، وهو من الآيات البينات المثبتة لرسالتك، فما كنت لديهم إذ حدثت هذه الوقائع الثابتة التي لا مجال للريب ولا للشك في صدقها، وما كنت تقرأ في كتاب، ولا تلقيته بيمينك، إنما هو وحي به إليك لتثبت به رسالتك، وتؤيد به دعوتك، وهذا القصص مع دلالته على نبوتك هو في ذاته يحمل العظة والاعتبار؛ ولذلك كان هو من والذكر الحكيم أي الذكر الذي يربي الحكمة في القلوب التي تقرأ وتعي وتدرك، إذ هو يذكر القارئ بأن الأدلة مهما تكن قوتها لا تجعل الضال يهتدي ما لم يفتح قلبه لها، فالأدلة كالنور لا يراه إلا من له بصر يبصر به، اللهم افتح قلوبنا لإدراك الحق والإيمان، إنك على كل شيء قدير.