إن أهل الديانات التي تنتمي لأصل سماوي يعترضون على الإسلام بما اشتمل عليه من أحكام ليست عندهم؛ فرد الله (تعالى) كلامهم بقوله (تعالى): [ ص: 5023 ] لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم "المنسك ": مكان النسك؛ وهو العبادة؛ أو مصدر ميمي؛ والمراد: العبادة أيضا؛ ويقرر أكثر المفسرين أن النسك هو شرائع النبيين؛ كقوله (تعالى): لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ؛ فالله (تعالى) جعل لكل أمة شريعة جاء بها نبيها؛ وجاءت شريعة مهيمنة على كل الشرائع؛ وخاتمة لها؛ وناسخة لما يخالفها؛ ولو كان موسى بن عمران حيا ما وسعه إلا اتباع محمد - صلى الله عليه وسلم -; لأن شريعته هي وقوله (تعالى): خاتمة الشرائع الإلهية؛ هم ناسكوه أي: العابدون الله (تعالى) على منهاجه؛ والضمير يعود على النسك؛ و "ناسكوه "؛ كما أشرنا: سالكون طريق العبادة الذي سن فيه.
فلا ينازعنك في الأمر الفاء للإفصاح؛ أي: إذا كان لكل أمة دين؛ فلا ينازعنك في الأمر؛ و "لا "؛ ناهية؛ والنهي لمن؟ يحتمل أن يكون للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ومعناه النهي عن تمكينهم من منازعته؛ وردهم في هذه المنازعة والمجادلة؛ وربما يؤيد هذا قوله (تعالى) - من بعد؛ في الآية التالية -: