ثم يقول - سبحانه - في عذاب جهنم: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون الضمير للمشركين؛ ومن تبعهم؛ وخدع بأقوالهم؛ وصار مثلهم؛ وما تعبدون من أوثان وأحجار؛ وعقلاء رضوا أن يكونوا معبودين؛ كالفراعنة؛ وأشباههم؛ ممن عدوا أنفسهم آلهة في الأرض؛ من دون الله أي: غير الله؛ حصب جهنم أي أنهم يلقون في النار؛ كما يلقى الحصب فيها؛ ليزيد اشتعالها؛ فشبههم في إلقائهم في النار بالحصب؛ إذ يرمى فيها ليزيدها اشتعالا؛ ويهيجها.
وهنا يرد سؤال: إن النصارى عبدوا المسيح؛ ومن المشركين من عبدوا الملائكة؛ فهل يعاقب المسيح؛ وعزير؛ والملائكة؛ بسبب عبادة المشركين لهم؛ ولا ذنب لهم؛ وقد نهوهم؟ والجواب عن ذلك: إنه لا يدخل في هؤلاء العقلاء من عباد الله الأبرار؛ إنما يدخل فقط الأوثان؛ وهنا يرد سؤال آخر: هذه الأوثان لا تعقل؛ فكيف تعذب؛ وهي لا تحس عذابا ولا نعيما؟ والجواب عن ذلك أنهم كانوا يعتقدون أن آلهتهم من هذه الحجارة تنفعهم وتشفع لهم؛ فالله (تعالى) يبين أنها لا قوة لها؛ وأنها تلقى في النار مثلهم؛ وإن كانت لا تحس؛ وإذا كانت لا تنقذ نفسها من النار فأولى ألا تنقذهم.
ثم أكد - سبحانه - دخولهم في النار؛ فختم الآية الكريمة بقوله: أنتم لها واردون الضمير في "لها "؛ يعود لآلهتهم؛ أي: أنتم لأجلها واردون النار؛ أي: [ ص: 4921 ] داخلون فيها؛ أي: أنتم لأجل الأوثان واردون النار؛ وهي بئس الورد المورود؛ و "الورود ": الدخول.