وما جعلناهم جسدا لأن الجسد يدل على الجنس؛ والجنس يفيد العموم؛ ولأن الإفراد ملاحظ أيضا؛ فالمعنى: "وما جعلنا أي رسول جسدا لا يأكل الطعام؛ وإن الطعام يعوض الجسم البشري ما يفقد منه يوميا؛ حتى إذا ضعف الجسم عن الغذاء كان الموت; ولذا قال (تعالى) بعد ذلك: وما كانوا خالدين لأنه إذا كان الرسول جسدا؛ فإنه تعروه عوامل الفناء الجسدي؛ حتى يكون البعث يوم القيام؛ كما قال (تعالى): كما بدأكم تعودون ؛ فقوله (تعالى): وما كانوا خالدين تأكيد لمعنى الجسدية التي تأكل الطعام؛ وقد توهموا من معنى الملائكة أنهم لا يموتون؛ فأكد الله - سبحانه وتعالى - نفي الملكية عنهم؛ بذكر أنهم ليسوا خالدين كما تزعمون في أن الرسل من الملائكة؛ لا يفنون؛ وهكذا أبطل الله (تعالى) دعواهم أن الرسل لا يكونون من البشر؛ وأثبت - سبحانه - بالاستقراء والتتبع أن الرسل لا يمكن أن يكونوا إلا من البشر الذين يوحى إليهم.
وإن ولذا قال (تعالى):
الله (تعالى) إذ يرسل الرسل من البشر يحوطهم بعنايته;