بعد هذا الاصطناع لموسى أمره - سبحانه - وأخاه بأن يقوما بالعمل العظيم الخطير؛ فقال: اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري كان أول ما كلفا به أن يذهبا إلى فرعون؛ يدعوانه إلى التوحيد؛ وعبادة الله (تعالى) وحده؛ ولقد زودهما بأمرين؛ ذكرهما؛ أولهما: الآيات الدالة على أن الله (تعالى) بعثهما؛ وذكر الآيات الدالة على أن الله وحده خالق السماوات والأرض؛ وسنرى أنهما ذكرا الآيات الدالة على وجود الله (تعالى) وخلقه.
والثاني: أن يذكرا صفات الله (تعالى) الدالة على أنه وحده الإله الذي يعبد دون سواه؛ وهذا معنى قوله (تعالى): ولا تنيا في ذكري أي: لا تفترا؛ ولا تقصرا في ذكرى؛ بصفات الكمال والجلال.
وقوله (تعالى): "بآياتي "؛ أي: تصحبكما آياتي؛ أو معكما آياتي؛ والعناية بذكر الله (تعالى) لفرعون; لأن فرعون وقومه ما كانوا يعرفون الله كالعرب؛ الذين بعث فيهم محمد - صلى الله عليه وسلم -; لأنهم كانوا يعرفون الله؛ وأنه خالق السماوات والأرض؛ والذي يلجأ إليه في الشدائد؛ ويستغيثون به في الحال التي توجب الاستغاثة. [ ص: 4729 ] أما قوم فرعون فما كانوا يعرفون؛ وكانوا يعبدون الشمس؛ ومظاهر الحياة؛ فاحتاجوا إلى التعريف بالله - سبحانه وتعالى.