قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ؛ الأمر بالقول؛ للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه جزء من تبليغ رسالة ربه؛ و "إنما "؛ أداة قصر؛ أي أنه - صلى الله عليه وسلم - مقصور على البشرية؛ وإنما يوحى إليه؛ فهو بشر؛ ولا يتجاوز أنه بشر؛ ولكن اختص من بينهم بأنه يوحى إليه؛ فليس واحدا من الملائكة؛ والموحى به أن إلهكم إله واحد فهو إعلام من الله (تعالى) بمن هو الإله حقا؛ فهو الله (تعالى)؛ ولا إله غيره؛ وإنه قد قامت - مع هذا الوحي الصادق - الدلائل على صدقه؛ وهو مؤيد بالآيات في الكون؛ فإن الكون بما فيه من سماء؛ وأرض؛ وكواكب هي زينة السماء؛ وزروع؛ وثمار؛ ومعادن؛ وكنوز؛ فيها الآيات البينات على أن الخالق واحد.
وإن الناس في تلقي هذه الرسالة من عند الله (تعالى) قسمان؛ القسم الأول يؤمن بالغيب؛ ولا يأسره الحس؛ وتستغرقه المادة؛ والقسم الثاني: استغرقته المادة؛ حتى لا يؤمن إلا بما هو مادي حسي؛ والأول هو الذي يرجو لقاء ربه؛ وهو الذي ينادي بفعل الخير؛ والإيمان بالحق; ولذا قال (تعالى): فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا وقال: فمن كان يرجو لقاء ربه أي: يستيقن بلقاء ربه؛ وعبر بالرجاء؛ بدل اليقين؛ لأنه يفيد اليقين؛ مع تمني اللقاء؛ والرغبة فيه؛ وطلبه بالعمل; ولذا كان جواب الشرط: فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا لأنه إذا كان يرجو الله [ ص: 4601 ] ولقاءه؛ فهو لا يعبد غيره؛ لأنه أخذ بالرسالة؛ وآمن بها؛ وعدم الشرك في العبادة: أن يجعلها لله وحده؛ فلا يشرك في العبادة وثنا؛ ولا شخصا؛ وهناك شرك في العبادة بأن يعبد يرائي الناس؛ وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: وهذا هو "من صلى يرائي فقد أشرك؛ ومن تصدق يرائي فقد أشرك؛ ومن صام يرائي فقد أشرك "؛ والشرك الأصغر؛ وقد قال الشرك الخفي؛ - عند تفسير هذه الآية -: والمراد بالنهي عن الإشراك في العبادة: ألا يرائي بعمله؛ وألا يبتغي إلا وجه الله (تعالى) خالصا؛ لا يخلط به غيره؛ وقيل: نزلت في الزمخشري جندب بن زهير ؛ قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إني أعمل العمل لله (تعالى)؛ فإذا أطلع عليه سرني؛ فقال: "إن الله لا يقبل ما شورك فيه "؛ وروي أنه قال: وذلك إذا قصد أن يقتدى به؛ وعنه - صلى الله عليه وسلم -: "لك أجران؛ أجر السر؛ وأجر العلانية "؛ "اتقوا "؛ قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: الشرك الأصغر " "الرياء .