وقد خص - سبحانه وتعالى - بالذكر من إنذار العصاة؛ إنذار الذين نسبوا لله ولدا؛ فقال (تعالى): وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا
بعد إنذار عامة الكافرين العصاة؛ من وثنيين وغيرهم؛ خص الذين نسبوا الولد؛ وقالوا: "اتخذ الله ولدا "؛ لأنهم لم يفهموا ذات الله؛ ولا خواص الألوهية؛ وأنها منافية للحوادث منافاة تامة؛ وعبر - سبحانه - بقوله: "قالوا "؛ ولم يقل: "اعتقدوا "; لأنهم لا يؤمنون؛ ومن اتبع الأوهام لا يؤمن بشيء؛ ولا يعتقد اعتقادا جازما؛ لأن الأوهام تساوره؛ فتزلزل اعتقاده؛ بل هو في ريب دائم مستمر؛ وعبارة اتخذ الله ولدا فهم نسبوا الاتخاذ لله؛ وهي فرية على الله (تعالى)؛ وتدل على عدم كماله - سبحانه -; لأن الأمر الأول: مشابهته للحوادث؛ وأن يكون لله - سبحانه - نظير مثله؛ لأن الولد مثيل أبيه؛ فكيف يكون لله (تعالى) شبيه ومثيل؛ الأمر الثاني: أنه ينبئ عن احتياج الله للولد لنصرته؛ والله (تعالى) غني حميد؛ لا يحتاج لشيء؛ ويحتاج إليه كل شيء - سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. اتخاذ الولدان يترتب عليه أمران باطلان؛ لا يليقان بذات الله؛