وقد أنهى سبحانه وتعالى سورة الإسراء بتكبير الله تعالى كما ابتدأت بالإسراء، فقال تعالى:
وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا .
أمر الله تعالى نبيه أن يحمده ويكبره، فإنه قل يا رسول الله: لا يوجد من يستحق الحمد والتكبير غيره. الحمد لله أي الحمد كله لله سبحانه وتعالى، فلا يستحق، ولا يختص بالحمد سواه على ما خلق وأنشأ وكون، الذي لم يتخذ ولدا وهذا يشير إلى أنه ليس مماثلا للحوادث في أي حال من أحوالهم، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وقد قال تعالى: بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وقوله تعالى: لم يتخذ ولدا يشير إلى أن جميع خلقه على سواء، لم يلد ولم يولد [ ص: 4480 ] ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا، فليس هناك أبناء كما ادعى اليهود، وليس عيسى ابنه.
ولم يكن له شريك في الملك فهو المالك الخالق لكل شيء، ولم يكن له ولي من الذل أي لم يكن ولي يناصره ويحميه من الذل، وكبره تكبيرا أي تكبيرا يليق بذاته العلية.
نفى الله تعالى كما ذكرنا عن ذاته العلية ثلاثة أمور، وأثبت بعد هذا النفي وجوب التكبير، أما الأمور الثلاثة، فهي اتخاذه ولدا كما ذكرنا، ونفاه؛ لأن الولد ينبئ عن الحاجة، والله تعالى غني حميد، يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ونفى سبحانه أن يكون له شريك في سلطانه فلا ينازعه أحد؛ لأنه الخالق، وهو المالك لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون ونفى أن يكون له ولي من الذل، (الولي) النصير، ومن يكون في جواره لحمايته، وقال: من الذل أي بسبب ذله واحتياجه إلى النصير، وذكر لفظ الذل ليؤكد النفي فإن ذلك محال على الله، ونسبته إليه سبحانه لا يليق بذي الجلال والإكرام، وإن نفي ذلك كله ينتهي بوجوب تكبيره تكبيرا مؤكدا. فالله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا وسبحان الله تعالى بكرة وأصيلا.