وإذا كان يعلمهم جميعا، فإن البعث لهم جميعا، وسيحشرهم إليه جميعا؛ ولذا قال تعالى: وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم .
إن ربك خالقك ومربيك والقائم على شئون كل حي العليم بأدواره من يوم وجد حيا إلى أن يرمس ميتا، فالتعبير بـ (ربك) تذكير بالتكوين واستمرار القيام على ما كون ومن كون، والضمير (هو) للدلالة على أنه هو الذي أنشأ وهو الذي يحشر، فهو حجة على الإمكان، وأن ذلك لا يستحيل، لأنه أوجده أولا، فهو يعيده ثانيا، و(يحشرهم) أي يجمعهم، وعبر بـ (يحشرهم) للدلالة على كثرتهم ولقائهم في وقت واحد؛ لأن جمعهم كذلك في وقت واحد، ويكونون أمام الله تعالى في يوم واحد هو يوم تقوم الساعة وإن ذلك من دواعي حكمته وعلمه الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض، ولا في السماء؛ ولذا قال تعالى في مقام الآية الكريمة: إنه حكيم عليم أي أن ذلك اقتضته حكمته. كما قال تعالى: أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون وهو عليم أين يكونون، وعلى أي حال، ولو كانوا حجارة أو حديدا فسيعيدهم، إنه عليم بكل شيء.