[ ص: 321 ] سورة النجم
قوله تعالى: أفمن هذا الحديث تعجبون (59) وتضحكون ولا تبكون (60) وأنتم سامدون وقد أفتى قاضي القضاة أبو بكر محمد بن المظفر الشامي الشافعي - وكان أحد العلماء الصالحين الزهاد، الحاكمين بالعدل وكان يقال عنه: لو رفع مذهب من الأرض لأملاه من صدره - بتحريم الغناء، وهذه صورة فتياه بحروفها، قال: لا يجوز الشافعي ومن أضاف هذا إلى الضرب بالقضيب ولا الغناء ولا سماعه، فقد كذب عليه . وقد نص الشافعي في كتاب "أدب القضاء": أن الشافعي وقال الله تعالى: الرجل إذا داوم على سماع الغناء، ردت شهادته، وبطلت عدالته . أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون قال : معناه تغنون بلغة ابن عباس حمير . وقال الله عز جل: ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم جاء في التفسير: أنه وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الغناء والاستماع إليه . يريد بذلك الغناء والنوح . وقال "إن الله كره صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نعمة، وصوت عند مصيبة" . : الغناء خطبة الزنا . وقال ابن مسعود : الغناء ينبت النفاق في القلب، كما ينبت السيل البقل . والله أعلم مكحول
. [ ص: 322 ] هذا جواب محمد بن المظفر الشامي الشافعي . ثم كتب بعده موافقة له على فتياه، جماعة من أعيان فقهاء بغداد: من الشافعية والحنفية والحنبلية في ذلك الزمان، وهو عصر الأربعمائة . وهذا يخالف قول كثير من الشافعية، في حمل كلام على كراهة التنزيه . الشافعي
والمعنى المقتضي لتحريم الغناء: أن النفوس مجبولة على حب الشهوات . كما قال تعالى: زين للناس حب الشهوات من النساء الآية، فجعل النساء أول الشهوات المزينة . والغناء المشتمل على وصف ما جبلت النفوس على حبه، والشغف به - من الصور الجميلة - يثير ما كمن في النفوس من تلك المحبة ويشوق إليها، ويحرك الطبع ويزعجه، ويخرجه عن الاعتدال . ويؤزه إلى المعاصي أزا . ولهذا قيل: إنه رقية الزنا .
وقد افتتن بسماع الغناء، خلق كثير فأخرجهم استماعه إلى العشق، وفتنوا في دينهم، فلو لم يرد نص صريح في تحريم الغناء بالشعر الذي توصف فيه الصور الجميلة لكان محرما بالقياس على النظر إلى الصور الجميلة التي يحرم النظر إليها بالشهوة، بالكتاب والسنة وإجماع من يعتد به من علماء الأمة . فإن الفتنة كما تحصل بالنظر والمشاهدة، فكذلك تحصل بسماع الأوصاف . واجتلائها من الشعر الموزون المحرك للشهوات .
ولهذا لما يخشى من ذلك من الفتنة . وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تصف المرأة المرأة لزوجها، كأنه ينظر إليها . وقال زنا العينين النظر . وزنا الأذنين الاستماع . - رضي الله عنه -: ثلاث فاتنات مفتنات يكببن في [ ص: 323 ] النار: رجل ذو صور حسنة، فاتن مفتون به يكب في النار، ورجل ذو شعر حسن، فاتن مفتون به يكب في النار، ورجل ذو صوت حسن، فاتن مفتون به يكب في النار . خرجه أبو هريرة في "كتاب الأدب " . حميد بن زنجويه