قوله تعالى: إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد (17) ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد
وقد قال كثير من السلف في قول الله عز وجل: إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد إن الذي عن اليمين كاتب الحسنات، والذي عن الشمال كاتب السيئات، منهم: الحسن، والأحنف بن قيس، ، ومجاهد ، وابن جريج والإمام أحمد .
وزاد ، قال: إن قعد فأحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله . وإن مشى فأحدهما أمامه والآخر خلفه، وإن رقد فأحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه . ابن جريج
وعلى هذا، فقد يخلو اليمين عن الملك إذا مشى أو رقد .
وحديث فيه أن الذي على الشمال هو القرين . أبي أمامة
يريد به: الشيطان الموكل بالعبد، كما في "صحيح " عن مسلم ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: ابن مسعود [ ص: 302 ] وقد ورد في حديث خرجه "ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة" . قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: "وإياي، ولكن الله أعانني عليه، فلا يأمرني إلا بخير " . من حديث الطبراني أبي مالك الأشعري - مرفوعا -: "إن القرين هو كاتب السيئات " . وإسناده شامي ضعيف .
* * *
قال الله عز وجل: إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد
وقد أجمع السلف الصالح على أن الذي عن يمينه يكتب الحسنات، والذي عن شماله يكتب السيئات، وقد روي ذلك مرفوعا من حديث بإسناد ضعيف . أبي أمامة
وفي "الصحيح " عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان أحدكم يصلي، فإنه يناجي ربه والملك عن يمينه " .
وروي من حديث مرفوعا: حذيفة "إن عن يمينه كاتب الحسنات " .
واختلفوا: هل يكتب كل ما تكلم به، أو لا يكتب إلا ما فيه ثواب أو عقاب ؟ على قولين مشهورين .
وقال علي بن أبي طلحة عن : يكتب كل ما تكلم به من خير أو [ ص: 303 ] شر حتى إنه ليكتب قوله: أكلت وشربت، وذهبت وجئت، حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله، فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر، وألقى سائره، فذلك قوله تعالى: ابن عباس يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب
وعن ، قال: ركب رجل الحمار، فعثر به، فقال: تعس الحمار، فقال صاحب اليمين: ما هي حسنة أكتبها، وقال صاحب الشمال: ما هي سيئة فأكتبها، فأوحى الله إلى صاحب الشمال: ما ترك صاحب اليمين من شيء، فاكتبه، فأثبت في السيئات "تعس الحمار" . يحيى بن أبي كثير
وظاهر هذا أن ما ليس بحسنة، فهو سيئة، وإن كان لا يعاقب عليها، فإن بعض السيئات قد لا يعاقب عليها، وقد تقع مكفرة باجتناب الكبائر، ولكن زمانها قد خسره صاحبها حيث ذهبت باطلا فيحصل له بذلك حسرة في القيامة وأسف عليه وهو نوع عقوبة .
* * *
وروى علي بن أبي طلحة ، عن في قوله عز وجل ابن عباس ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد قال: يكتب كل ما تكلم به من خير وشر، حتى إنه ليكتب قوله: أكلت، وشربت، وذهبت، وجئت، ورأيت، حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر [ ص: 304 ] وألقي سائره، فذلك قوله تعالى: يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب خرجه وغيره . فهذا يدل على ابن أبي حاتم لا يوجد في غيره . وكان اختصاص يوم الخميس بعرض الأعمال يبكي إلى امرأته يوم الخميس وتبكي إليه، ويقول: اليوم تعرض أعمالنا على الله عز وجل . فهذا عرض خاص في هذين اليومين غير العرض العام كل يوم، فإن ذلك عرض دائم كل يوم بكرة وعشيا . ويدل على ذلك ما في "الصحيحين " عن إبراهيم النخعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: أبي هريرة . فيجتمعون في صلاة الصبح، وصلاة العصر، فيسأل الذين باتوا فيكم، وهو أعلم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون " . "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار
وفي "صحيح " عن مسلم ، قال: أبي موسى الأشعري يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " . "إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخمس كلمات، فقال:
ويروى عن ، قال: إن مقدار كل يوم من أيامكم عند ربكم ثنتا عشرة ساعة، فتعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار اليوم، فينظر فيها ثلاث ساعات، وذكر باقيه . ابن مسعود
كان يبكي آخر النهار، ويقول: لا أدري ما رفع من عملي . يا من عمله معروض على من يعلم السر وأخفى، لا تبهرج فإن [ ص: 305 ] الناقد بصير . الضحاك
السقم على الجسم له ترداد . والعمر مضى وزلتي تزداد ما أبعد شقتي وما لي زاد .
ما أكثر بهرجي ولي نقاد