الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
إن nindex.php?page=treesubj&link=18616كان جميع ما بيده أخذه من [ ص: 329 ] الناس بغير حق : مثل أن يأخذ من اللصوص وقطاع الطريق بعض ما يأخذونه من أموال الناس ومثل أن يطلب ظلم أقوام فيعطوه ما ينكف به عن ظلمهم ومثل أن يحمي بعض الناس عن مساواة نظرائهم فيما يطلب منهم ليعطوه رشوة ومثل أن يظلم في حكمه أو يعدل برشوة يأخذها ومثل أن يغصب مال قوم بافتراء يفتريه عليهم ومثل أن يهدر دماء المقتولين برشوة من القاتلين .
فهذه الأموال ونحوها هي مستحقة لأصحابها .
كاللص الذي يسرق أموالا ويخلط بعضها ببعض فإن ذلك لا يحرمها على أصحابها ; بل يقتسمون الأموال بينهم على قدر حقوقهم وإن جهل عين مال الرجل لكونه باعه ونحو ذلك فعوضه يقوم مقامه .
ومن اكتسب بهذه الأموال بتجارة ونحوها فقيل : الربح لأرباب الأموال .
وقيل له : إذا اشترى في ذمته .
وقيل : بل يتصدقان به ; لأنه ربح خبيث .
وقيل : بل يقسم الربح بينه وبين أرباب الأموال كالمضاربة .
كما فعل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب في المال الذي أقرضه أبو موسى الأشعري لابنيه دون العسكر .
وهذا أعدل الأقوال .
وإذا كان كذلك فأهل الأموال يقتسمون ما وجدوه على قدر حقوقهم ; فإن ذلك إما عين أموالهم وإما وفاء ديونهم الثابتة في ذمته ; بل الحق أن حقوقهم متعلقة بالأمرين جميعا بذمته وبالأموال .
فأما إذا nindex.php?page=treesubj&link=18615لم يعرف مقدار ما غصبه ولا أعيان الغرماء كلهم : فمن أخذ منهم من هذه [ ص: 330 ] الأموال قدر حقه لم يحكم بأن ذلك حرام ; لا سيما إذا كان قد اتجر في الأموال التي بيده فإنه يستحق حينئذ أكثر من قدر حقه ; لكن يخاف أن تكون الأموال التي بيده تضيق عن حقوق جميع المستحقين لكن المجهول منهم الذي لا يعلم صار كالمعدوم فإن كان الذي يأخذ قدر حقه له .
ولم يظلم سائر الغرماء المعروفين لم نحكم بتحريم ما أخذه ; لكن إن ظهر فيما بعد غرماء ولهم قسط من ماله كان لهم المطالبة بقدر حقوقهم فمن استولى على المال يؤخذ من كل واحد بقدر ما استولى والله أعلم .