[ ص: 288 ] فصل وأما فنقول : لا نزاع بين الأئمة أن الجوائح في الإجارة سقطت الأجرة لم يتنازعوا في ذلك كما تنازعوا في تلف الثمرة المبيعة . منافع الإجارة إذا تعطلت قبل التمكن من استيفائها
لأن الثمرة هناك قد يقولون : قبضت بالتخلية وأما المنفعة التي لم توجد فلم تقبض بحال .
ولهذا نقل الإجماع على أن العين المؤجرة إذا تلفت قبل قبضها بطلت الإجارة وكذلك إذا تلفت عقب قبضها وقبل التمكن من الانتفاع ; إلا خلافا شاذا حكوه عن ; لأن المعقود عليه تلف قبل قبضه فأشبه تلف المبيع بعد القبض جعلا لقبض العين قبضا للمنفعة . أبي ثور
وقد يقال : هو قياس قول من يقول بعدم وضع الجوائح ; لكن يقولون : المعقود عليه هنا المنافع وهي معدومة لم تقبض ; وإنما قبضها باستيفائها أو التمكن من استيفائها ; وإنما جعل قبض العين قبضا لها في انتقال الملك والاستحقاق وجواز التصرف .
فإذا تلفت العين فقد تلفت قبل التمكن من استيفاء المنفعة فتبطل الإجارة .
وهذا يلزمهم مثله في الثمرة باعتبار ما لم يوجد من أجزائها .
[ ص: 289 ] والأصول في الثمرة كالعين في المنفعة وعدم التمكن من استيفاء المقصود بالعقد موجود في الموضعين .
طرد القياس الفاسد كما طرد الجمهور القياس الصحيح في وضع الجوائح وإبطال الإجارة . فأبو ثور
وإن تلفت العين في أثناء المدة انفسخت الإجارة فيما بقي من المدة دون ما مضى .
وفي انفساخها في الماضي خلاف شاذ .
وتعطل بعض الأعيان المستأجرة يسقط نصيبه من الأجرة كتلف بعض الأعيان المبيعة ; مثل . موت بعض الدواب المستأجرة وانهدام بعض الدور
وتعطل المنفعة يكون بوجهين : ( أحدهما تلف العين كموت العبد والدابة المستأجرة .
( والثاني زوال نفعها بأن يحدث عليها ما يمنع نفعها كدار انهدمت وأرض للزرع غرقت أو انقطع ماؤها .
فهذه إذا لم يبق فيها نفع فهي كالتالفة سواء لا فرق بينهما عند أحد من العلماء .
وإن زال بعض نفعها المقصود وبقي بعضه مثل أن يمكنه زرع الأرض بغير ماء ويكون زرعا ناقصا وكان الماء ينحسر عن الأرض التي غرقت على وجه يمنع بعض الزراعة أو نشوء الزرع : ملك فسخ الإجارة ; فإن ذلك كالعيب في البيع - ولم تبطل به الإجارة .
وفي إمساكه بالأرش قولان في المذهب .
وإن تعطل نفعها بعض المدة لزمه من الأجرة بقدر ما انتفع [ ص: 290 ] به كما قال الخرقي .
فإن لزمه من الأجرة بمقدار مدة انتفاعه . جاء أمر غالب يحجر المستأجر عن منفعة ما وقع عليه العقد
وإذا بقي من المنفعة ما ليس هو المقصود بالعقد مثل أن ينقطع الماء عن الأرض المستأجرة للزرع ويمكن الانتفاع بها بوضع حطب ونصب خيمة وكذلك الدار المتهدمة يمكن نصب خيمة فيها والأرض التي غرقت يمكن صيد السمك منها : فهل تبطل الإجارة هنا ؟ أو يكون هذا كالنقص الذي يملك به الفسخ ؟ على وجهين : ( أحدهما تبطل .
وهو قول أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك والشافعي في صورة الهدم ; لأن هذه المنفعة لما لم تكن هي المقصودة بالعقد كان وجودها وعدمها سواء .
( والثاني يملك الفسخ .
وهو نص الشافعي في صورة انقطاع الماء . وقد اختاره القاضي في بعض المواضع . والأول اختاره غيرهما من الأصحاب . وابن عقيل