إن المتقين في جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين
قوله تعالى : " إن المتقين في جنات وعيون " قد شرحنا في (سورة البقرة 2و25) معنى التقوى والجنات . فأما العيون ، فهي عيون الماء ، والخمر ، والسلسبيل ، والتسنيم ، وغير ذلك مما ذكر أنه من شراب الجنة .
قوله تعالى : " ادخلوها بسلام " المعنى : يقال لهم : ادخلوها بسلام ، وفيه ثلاثة أقوال :
أحدها : بسلامة من النار . والثاني : بسلامة من كل آفة . والثالث : بتحية من الله .
وفي قوله " آمنين " أربعة أقوال :
أحدها : آمنين من عذاب الله . والثاني : من الخروج . والثالث : من الموت . والرابع : من الخوف والمرض .
قوله تعالى : " ونزعنا ما في صدورهم من غل " قد ذكرنا تفسيرها في سورة [ ص: 404 ] (الأعراف :43) فإن المفسرين ذكروا ما هناك هاهنا من تفسير وسبب نزول .
قوله تعالى : " إخوانا " منصوب على الحال ، والمعنى : أنهم متوادون .
فإن قيل : كيف نصب " إخوانا " على الحال ، فأوجب ذلك أن التآخي وقع مع نزع الغل ، وقد كان التآخي بينهم في الدنيا ؟
فقد أجاب عنه ، فقال : ما مضى من التآخي قد كان تشوبه ضغائن وشحناء ، وهذا التآخي بينهم الموجود عند نزع الغل هو تآخي المصافاة والإخلاص ، ويجوز أن ينتصب على المدح ، المعنى : اذكر إخوانا . فأما السرر ، فجمع سرير ، قال ابن الأنباري : على سرر من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت ، السرير مثل ما بين عدن إلى أيلة ، " متقابلين " لا يرى بعضهم قفا بعض حيثما التفت رأى وجها يحبه يقابله . ابن عباس
قوله تعالى : " لا يمسهم فيها نصب " أي : لا يصيبهم في الجنة إعياء وتعب .