ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم
قوله تعالى : " ولقد علمنا المستقدمين منكم " يقال : استقدم الرجل ، بمعنى : تقدم ، واستأخر ، بمعنى : تأخر .
وفي سبب نزولها قولان :
[ ص: 396 ] أحدهما : ، رواه أن امرأة حسناء كانت تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان بعضهم يستقدم حتى يكون في أول صف لئلا يراها ، ويتأخر بعضهم حتى يكون في آخر صف ، فإذا ركع نظر من تحت إبطه ، فنزلت هذه الآية عن أبو الجوزاء . ابن عباس
والثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم حرض على الصف الأول ، فازدحموا عليه ، وقال قوم بيوتهم قاصية عن المدينة : لنبيعن دورنا ، ولنشترين دورا قريبة من المسجد حتى ندرك الصف المتقدم ، فنزلت هذه الآية ; ومعناها : إنما تجزون على النيات ، فاطمأنوا وسكنوا ، رواه عن أبو صالح . ابن عباس
وللمفسرين في معنى المستقدمين والمستأخرين ثمانية أقوال :
أحدها : التقدم في الصف الأول ، والتأخر عنه ، وهذا على القولين المذكورين في سبب نزولها ، فعلى الأول : هو التقدم للتقوى ، والتأخر للخيانة بالنظر ، وعلى الثاني : هو التقدم لطلب الفضيلة ، والتأخر للعذر .
والثاني : أن المستقدمين : من مات ، والمستأخرين : من هو حي لم يمت ، رواه عن العوفي ، ابن عباس وخصيف عن ، وبه قال مجاهد ، عطاء ، والضحاك . والقرظي
والثالث : أن المستقدمين : من خرج من الخلق وكان . والمستأخرين : الذين في أصلاب الرجال ، رواه عن الضحاك ، وبه قال ابن عباس . عكرمة
[ ص: 397 ] والرابع : أن المستقدمين : من مضى من الأمم ، والمستأخرين : أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، رواه عن ابن أبي نجيح . مجاهد
والخامس : أن المستقدمين : المتقدمون في الخير ، والمستأخرين : المثبطون عنه ، قاله ، الحسن . وقتادة
والسادس : أن المستقدمين : في صفوف القتال ، والمستأخرين عنها ، قاله . الضحاك
والسابع : أن المستقدمين : من قتل في الجهاد ، والمستأخرين : من لم يقتل ، قاله . القرظي
والثامن : أن المستقدمين : أول الخلق ، والمستأخرين : آخر الخلق ، قاله . الشعبي