والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار
قوله تعالى : " والذين صبروا " أي : على ما أمروا به " ابتغاء وجه ربهم " أي : طلبا لرضاه " وأقاموا الصلاة " أتموها " وأنفقوا مما رزقناهم " من الأموال في طاعة الله . قال : يريد بالصلاة : الصلوات الخمس ، وبالإنفاق : الزكاة . ابن عباس
قوله تعالى : " ويدرءون " أي : يدفعون " بالحسنة السيئة " . وفي المراد بهما خمسة أقوال :
أحدها : يدفعون بالعمل الصالح الشر من العمل ، قاله . والثاني : يدفعون بالمعروف المنكر ، قاله ابن عباس . والثالث : بالعفو الظلم ، قاله [ ص: 325 ] سعيد بن جبير جويبر . والرابع : بالحلم السفه ، كأنهم إذا سفه عليهم حلموا ، قاله . ابن قتيبة
والخامس : بالتوبة الذنب ، قاله . ابن كيسان
قوله تعالى : " أولئك لهم عقبى الدار " قال : يريد : عقباهم الجنة ، أي : تصير الجنة آخر أمرهم . ابن عباس
قوله تعالى : " ومن صلح " وقرأ : " صلح " بضم اللام . ومعنى " صلح " : آمن ، وذلك أن الله تعالى ألحق المؤمن أهله المؤمنين إكراما له ، لتقر عينه بهم . " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب " قال ابن أبي عبلة : بالتحية من الله والتحفة والهدايا . ابن عباس
قوله تعالى : " سلام عليكم " قال : أضمر القول هاهنا ، لأن في الكلام دليلا عليه . وفي هذا السلام قولان : الزجاج
أحدهما : أنه التحية المعروفة ، يدخل الملك فيسلم وينصرف ، قال : وفي قول المسلم : سلام عليكم ، قولان : أحدهما : أن السلام : الله عز وجل ، والمعنى : الله عليكم ، أي : على حفظكم . والثاني : أن المعنى : السلامة عليكم ، فالسلام جمع سلامة . ابن الأنباري
والثاني : أن معناه : إنما سلمكم الله تعالى من أهوال القيامة وشرها بصبركم في الدنيا .
وفيما صبروا عليه خمسة أقوال :
أحدها : أنه أمر الله ، قاله . والثاني : فضول الدنيا ، قاله سعيد بن جبير . والثالث : الدين . والرابع : الفقر ، رويا عن الحسن . والخامس : أنه فقد المحبوب ، قاله أبي عمران الجوني ابن زيد .