قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار
قوله تعالى : " قال لا يأتيكما طعام ترزقانه " في معنى الكلام قولان :
أحدهما : لا يأتيكما طعام ترزقانه في اليقظة إلا أخبرتكما به قبل أن يصل إليكما ، لأنه كان يخبر بما غاب كعيسى عليه السلام ، وهو قول . الحسن
والثاني : لا يأتيكما طعام ترزقانه في المنام إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما في اليقظة ، هذا قول . قال السدي : فقالا له : وكيف تعلم ذلك ، ولست بساحر ، ولا عراف ، ولا صاحب نجوم ; فقال : " ابن عباس ذلكما مما علمني ربي " .
فإن قيل : هذا كله ليس بجواب سؤالهما ، فأين جواب سؤالهما ؟ فعنه أربعة أجوبة :
أحدها : أنه لما علم أن أحدهما مقتول ، دعاهما إلى نصيبهما من الآخرة ، قاله . قتادة
[ ص: 225 ] والثاني : أنه عدل عن الجواب لما فيه من المكروه لأحدهما ، قاله ابن جريج .
والثالث : أنه ابتدأ بدعائهما إلى الإيمان قبل جواب السؤال ، قاله . الزجاج
والرابع : أنه ظنهما كاذبين في رؤياهما ، فعدل عن جوابهما ليعرضا عن مطالبته بالجواب ، فلما ألحا أجابهما ، ذكره . فأما الملة فهي الدين . وتكرير قوله : " هم " للتوكيد . ابن الأنباري
قوله تعالى : " ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء " قال : يريد : أن الله عصمنا من الشرك " ابن عباس ذلك من فضل الله علينا " أي : اتباعنا الإيمان بتوفيق الله . " وعلى الناس " يعني المؤمنين بأن دلهم على دينه . وقال : " ابن عباس ذلك من فضل الله علينا " أن جعلنا أنبياء " وعلى الناس " أن بعثنا إليهم ، " ولكن أكثر الناس " من أهل مصر " لا يشكرون " نعم الله فيوحدونه .
قوله تعالى : " أأرباب متفرقون " يعني : الأصنام من صغير وكبير " خير " أي : أعظم صفة في المدح " أم الله الواحد القهار " يعني أنه أحق بالإلهية من الأصنام ؟ . فأما الواحد ، فقال : هو الفرد الذي لم يزل وحده ، وقيل : هو المنقطع القرين المعدوم الشريك ، والنظير وليس كسائر الآحاد من الأجسام المؤلفة ، فإن كل شيء سواه يدعى واحدا من جهة ، غير واحد من جهات ، والواحد لا يثنى من لفظه ، لا يقال : واحدان . والقهار : الذي قهر الجبابرة من عتاة خلقه بالعقوبة . وقهر الخلق كلهم بالموت . وقال غيره : القهار الذي قهر كل شيء فذلـله ، فاستسلم وذل له . الخطابي