قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم
قوله تعالى : " قال رب السجن أحب إلي " قال : لما قالت : " وهب بن منبه فذلكن الذي لمتنني فيه " قلن : لا لوم عليك ، قالت : فاطلبن إلى يوسف أن يسعفني بحاجتي ، فقلن : يا يوسف افعل ، فقالت : لئن لم يفعل لأخلدنه السجن ، فعند ذلك قال : " رب السجن أحب إلي " . وقرأ يعقوب : " السجن " بفتح السين هاهنا فحسب . قال : من كسر سين " السجن " فعلى اسم المكان ، فيكون المعنى : نزول السجن أحب إلي من ركوب المعصية ، ومن فتح ، فعلى المصدر ، المعنى : أن أسجن أحب إلي . " الزجاج وإلا تصرف عني كيدهن " أي : إلا تعصمني " أصب إليهن " أي : أمل إليهن . يقال : صبا إلى اللهو يصبو صبوا وصبوا وصباء : إذا مال . وقال : ومعنى هذا الكلام : اللهم اصرف عني كيدهن ، ولذلك قال : " ابن الأنباري فاستجاب له ربه " .
قال : فإن قيل : إنما كادته امرأة العزيز وحدها ، فكيف قال : " كيدهن " ؟
[ ص: 221 ] فعنه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أن العرب توقع الجمع على الواحد ، فيقول قائلهم : خرجت إلى البصرة في السفن ، وهو لم يخرج إلا في سفينة واحدة .
والثاني : أن المكني عنه امرأة العزيز والنسوة اللاتي عاضدنها على أمرها .
والثالث : أنه عنى امرأة العزيز وغيرها من نساء العالمين اللاتي لهن مثل كيدها .