[ ص: 400 ] وكذلك : ومثل ذلك التزيين ، وهو تزيين الشرك في قسمة القربان بين الله - تعالى - والآلهة ، أو مثل ذلك التزيين البليغ الذي هو علم من الشياطين ، والمعنى : أن شركاءهم من الشياطين ، أو من سدنة الأصنام زينوا لهم قتل أولادهم [ ص: 401 ] بالوأد ، أو بنحرهم للآلهة ، وكان الرجل في الجاهلية يحلف : لئن ولد له كذا غلام ، لينحرن أحدهم ، كما حلف عبد المطلب .
وقرئ : "زين" ، على البناء للفاعل الذي هو شركاؤهم ، ونصب : "قتل أولادهم" وزين على البناء للمفعول الذي هو القتل ، ورفع شركاؤهم بإضمار فعل دل عليه زين ، كأنه قيل : لما قيل : زين لهم قتل أولادهم من زينه؟
فقيل : زينه لهم شركاؤهم ، وأما قراءة ابن عامر : "قتل أولادهم شركائهم" برفع القتل ونصب الأولاد ، وجر الشركاء على إضافة القتل إلى الشركاء ، والفصل بينهما بغير الظرف ، فشيء لو كان في مكان الضرورات وهو الشعر ، لكان سمجا مردودا ; كما سمج ورد : [ من مجزوء الكامل] .
زج القلوص أبي مزاده
فكيف به في الكلام المنثور ، فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته ، والذي حمله على ذلك أن رأى في بعض المصاحف شركاءهم مكتوبا بالياء ، ولو قرأ بجر الأولاد والشركاء لأن الأولاد شركاؤهم في أموالهم - لوجد في ذلك مندوحة عن هذا [ ص: 402 ] الارتكاب ليردوهم : ليهلكوهم بالإغواء وليلبسوا عليهم دينهم : وليخلطوا عليهم ويشبهوه ، ودينهم : ما كانوا عليه من دين إسماعيل - عليه السلام - حتى زلوا عنه إلى الشرك .وقيل : دينهم الذي وجب أن يكونوا عليه .
وقيل : معناه وليوقعوهم في دين ملتبس .
فإن قلت : ما معنى اللام؟
قلت : إن كان التزيين من الشياطين ، فهي على حقيقة التعليل ، وإن كان من السدنة ، فعلى معنى الصيرورة ولو شاء الله : مشيئة قسر ما فعلوه : لما فعل المشركون ما زين لهم من القتل ، أو لما فعل الشياطين ، أو السدنة التزيين أو الإرداء ، أو اللبس ، أو جميع ذلك ، إن جعلت الضمير جاريا مجرى اسم الإشارة وما يفترون : وما يفترونه من الإفك . أو وافتراؤهم .