يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا [ ص: 187 ] إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم
روي أنه آخر ما نزل من الأحكام . مكة عام حجة الوداع ، فأتاه فقال : إن لي أختا ، فكم آخذ من ميراثها إن ماتت؟ وقيل : كان مريضا فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني كلالة فكيف أصنع في مالي؟ فنزلت جابر بن عبد الله إن امرؤ هلك ارتفع "امرؤ" بمضمر يفسره الظاهر ، ومحل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق ليس له ولد الرفع على الصفة لا النصب على الحال . أي : إن هلك امرؤ غير ذي ولد ، والمراد بالولد [ ص: 188 ] الابن وهو اسم مشترك يجوز إيقاعه على الذكر وعلى الأنثى; لأن الابن يسقط الأخت ، ولا تسقطها البنت إلا في مذهب ، وبالأخت التي هي لأب وأم دون التي لأم ، لأن الله تعالى فرض لها النصف وجعل أخاها عصبة وقال : ابن عباس للذكر مثل حظ الأنثيين : وأما الأخت للأم فلها السدس في مسوى بينها وبين أخيها آية المواريث وهو يرثها : وأخوها يرثها إن قدر الأمر على العكس من موتها وبقائه بعدها إن لم يكن لها ولد أي : ابن; لأن الابن يسقط الأخ دون البنت . فإن قلت : الابن لا يسقط الأخ وحده فإن الأب نظيره في الإسقاط ، فلم اقتصر على نفي الولد؟ قلت : بين حكم انتفاء الولد ، ووكل حكم انتفاء الوالد إلى بيان السنة ، وهو قوله - عليه السلام - : والأب أولى من الأخ ، وليسا بأول حكمين بين أحدهما [ ص: 189 ] بالكتاب والآخر بالسنة ، ويجوز أن يدل حكم انتفاء الولد على حكم انتفاء الوالد ، لأن الولد أقرب إلى الميت من الوالد ، فإذا ورث الأخ عند انتفاء الأقرب ، فأولى أن يرث عند انتفاء الأبعد ، ولأن الكلالة تتناول انتفاء الوالد والولد جميعا ، فكان ذكر انتفاء أحدهما دالا على انتفاء الآخر . فإن قلت : إلى من يرجع ضمير التثنية والجمع في قوله : "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى عصبة ذكر" فإن كانتا اثنتين : وإن كانوا إخوة قلت : أصله . فإن كان اثنتين ، وإن كان من يرث بالأخوة ذكورا وإناثا . وإنما قيل : "فإن كانتا" ، و “ إن كانوا" ، كما قيل : من كانت أمك . فكما أنث ضمير "من" لمكان تأنيث الخبر ، كذلك ثنى وجمع ضمير من يرث في "كانتا" و “ كانوا" ، لمكان تثنية الخبر وجمعه ، والمراد بالإخوة ، الإخوة [و] الأخوات ، تغليبا لحكم الذكورة من يرث بالأخوة أن تضلوا مفعول له ، ومعناه : كراهة أن تضلوا . عن النبي صلى الله عليه وسلم : "من قرأ سورة النساء فكأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة ورث ميراثا ، وأعطي من الأجر كمن اشترى محررا ، وبرئ من الشرك وكان في مشيئة الله من الذين يتجاوز عنهم .