يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها إنما أنت منذر من يخشاها كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها
أيان مرساها متى إرساؤها، أي إقامتها، أرادوا: متى يقيمها الله ويثبتها ويكونها؟ وقيل: أيان منتهاها ومستقرها، كما أن مرسى السفينة مستقرها، حيث تنتهي إليه فيم أنت في أي شيء أنت من أن تذكر وقتها لهم وتعلمهم به، يعني: ما أنت من ذكرها لهم وتبيين وقتها في شيء. وعن رضي الله عنها: لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الساعة ويسأل [ ص: 311 ] عنها حتى نزلت، عائشة فهو على هذا تعجب من كثرة ذكره لها، كأنه قيل: في أي شغل واهتمام أنت من ذكرها والسؤال عنها. والمعنى: أنهم يسألونك عنها، فلحرصك على جوابهم لا تزال تذكرها وتسأل عنها، ثم قال: إلى ربك منتهاها أي: منتهى علمها لم يؤت علمها أحدا من خلقه. وقيل: فيم إنكار لسؤالهم، أي: فيم هذا السؤال، ثم قيل: أنت من ذكراها، أي: إرسالك وأنت خاتم الأنبياء وآخر الرسل المبعوث في نسم الساعة ذكر من ذكرها وعلامة من علاماتها، فكفاهم بذلك دليلا على دنوها ومشارفتها ووجوب الاستعداد لها، ولا معنى لسؤالهم عنها. إنما أنت منذر من يخشاها أي: لم تبعث لتعلمهم بوقت الساعة الذي لا فائدة لهم في علمه، وإنما بعثت لتنذر من أهوالها من يكون من إنذارك لطفا له في الخشية منها. وقرئ: "منذر" بالتنوين، وهو الأصل; والإضافة تخفيف، وكلاهما يصلح للحال والاستقبال; فإذا أريد الماضي فليس إلا الإضافة; كقولك: هو منذر زيد أمس، أي: كأنهم لم يلبثوا في الدنيا، وقيل: في القبور [ ص: 312 ] إلا عشية أو ضحاها فإن قلت: كيف صحت إضافة الضحى إلى العشية؟ قلت: لما بينهما من الملابسة لاجتماعهما في نهار واحد. فإن قلت: فهلا قيل: إلا عشية أو ضحى وما فائدة الإضافة؟ قلت: الدلالة على أن مدة لبثهم كأنها لم تبلغ يوما كاملا، ولكن ساعة من عشيته أو ضحاه; فلما ترك اليوم أضافه إلى عشيته، فهو كقوله: لم يلبثوا إلا ساعة من نهار [الأحقاف: 35].
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ سورة [والنازعات] كان ممن حبسه الله في القبر والقيامة حتى يدخل الجنة قدر صلاة المكتوبة ".