الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وسن غسل متصل بالرواح )

                                                                                                                            ش : تصوره واضح وصفته كغسل الجنابة قال في الحديث المتقدم { من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة } قال الباجي قوله : غسل الجنابة يحتمل أن يريد غسلا على صفة غسل الجنابة ويحتمل أن يريد الجنب المغتسل لجنابته فقد روي عن الشيخ ابن أبي زيد أن معنى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من اغتسل أو غسل أوجب الغسل على غيره بالجماع واغتسل هو منه انتهى .

                                                                                                                            والحديث المشار إليه هو ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حديث حسن والنسائي والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم وصححه ورواه الطبراني عن أوس بن أوس الثقفي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام يسمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها } انتهى .

                                                                                                                            من الترغيب وقال إثره : قال الخطابي قوله عليه السلام غسل واغتسل وبكر وابتكر اختلف الناس في معناه فمنهم من ذهب إلى أنه من الكلام المتظافر الذي يراد به التوكيد ; ألا تراه يقول ومشى ولم يركب وإليه ذهب أحمد وقال بعضهم معنى غسل غسل رأسه خاصة واغتسل غسل سائر الجسد .

                                                                                                                            وزعم بعضهم أن قوله غسل أن معناه أصاب أهله قبل [ ص: 175 ] خروجه إلى الجمعة ليكون أملك لنفسه وقوله بكر وابتكر زعم بعضهم أن معنى بكر أدرك باكورة الخطبة وهي أولها ومعنى ابتكر قدم في أول الوقت وقال ابن الأنباري معنى بكر تصدق قبل خروجه وتأول في ذلك ما روي في الحديث من قوله عليه السلام { باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها } وقال ابن خزيمة : من قال غسل بالتشديد معناه جامع ومن قال غسل بالتخفيف أراد غسل رأسه انتهى .

                                                                                                                            ( تنبيهات الأول ) قال في المدونة : فإن اغتسل وراح ثم أحدث أو خرج من المسجد إلى موضع قريب لم ينتقض غسله وإن تباعد أو سعى في بعض حوائجه أو تغدى أو نام انتقض غسله وأعاد .

                                                                                                                            قال ابن ناجي : قال أبو عمران قوله ثم أحدث أي مغلوبا عليه ثم رجع فقال ذلك سواء .

                                                                                                                            وقال ابن مزين أما المتعمد فيعيد الغسل وهو أشد من النوم والغذاء انتهى .

                                                                                                                            ولو أجنب بعد غسله فالظاهر أن غسله ينتقض ; لأنهم قالوا إذا كان جنبا ونوى غسل الجمعة ناسيا للجنابة أو أنه ينوب عن غسل الجنابة لا يجزيه ذلك لا عن الجنابة ولا عن الجمعة قال في التوضيح لأن شرط غسل الجمعة حصول غسل الجنابة والله أعلم .

                                                                                                                            ( الثاني ) قال البرزلي في كتاب الصلاة وحكي في تعاليق أبي عمران في الإنسان يذكر وهو في المسجد يوم الجمعة أنه لم يغتسل فإنه يستحب له أن يخرج فيغتسل وإن لم يدرك الإمام إلا بعد فراغه من الخطبة وإن كان لا يدرك حتى تفوته بعض الصلاة فلا يخرج ويصليها بغير غسل ; لأنه سنة وفي الإكمال ما يقتضي أنه لا يخرج للغسل لظاهر إنكار عمر على عثمان ; ولأن سماع الخطبة واجب فلا يترك لسنة انتهى .

                                                                                                                            وهذا هو الظاهر وما في التعاليق جار على القول بأن سماع الخطيب ليس بواجب والله أعلم .

                                                                                                                            ( الثالث ) قال اللخمي الغسل لمن لا رائحة له حسن ولمن له رائحة واجب كالحوات والقصاب وعلى كل من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا نيا أن يستعمل ما يزيل ذلك عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم { من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا } فأسقط حقه من المسجد وإذا كان من حق المصلين والملائكة والمسجد أن يخرج عنهم وكان حضور الجمعة واجبا وجب أن يزيل ما عليه من تلك الروائح انتهى من باب الغسل للجمعة من التبصرة .

                                                                                                                            ( الرابع ) قال المازري في أوائل شرح التلقين وأما غسل الجمعة فهل يفتقر إلى نية أم لا يتخرج على قولين : أحدهما وهو الظاهر من المذهب أنه يفتقر إلى نية ; لأنها طهارة حكمية ليس المطلوب بها في حق كل مكلف إزالة عين ; لأنها وإن كان سبب الخطاب بها النظافة وإزالة الرائحة الكريهة فقد يخاطب بها من لا رائحة عنده يزيلها فألحقت بحكم طهارة الحدث التي لا تزال بها عين ولهذا منع في أحد القولين من أن يغتسل لها بماء الورد والماء المضاف الذي لا تجزئ الطهارة به والثاني أنه لا يفتقر إلى نية ; لأن سببها في أصل الشرع إزالة الروائح الكريهة فألحقت بطهارة النجاسة التي الغرض بها إزالة العين فلم يفتقر إلى نية .

                                                                                                                            وقال الشبيبي قال صاحب البيان والتقريب الصحيح افتقاره إلى النية

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية