الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وتعزية )

                                                                                                                            ش : عد المصنف التعزية من جملة المستحبات وصرح باستحبابها صاحب الإرشاد قال الشيخ زروق في شرحه أما استحبابها فلا إشكال فيه انتهى .

                                                                                                                            وعلى استحبابها مشى الشارح في شامله فقال : ويستحب تعزية أهله انتهى .

                                                                                                                            وفي الجواهر أنها سنة ونصه : التعزية سنة انتهى .

                                                                                                                            ونقله عنه ابن عرفة ونصه ابن حبيب : في التعزية ثواب كثير ابن شاس سنة انتهى .

                                                                                                                            والتعزية - قال في الجواهر - هي الحمل على الصبر بوعد الأجر والدعاء للميت والمصاب انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن رشد في شرح ثاني مسألة من رسم شك في طوافه من سماع ابن القاسم من كتاب الجنائز : والتعزية لثلاثة أشياء : أحدها تهوين المصيبة على المعزى ، وتسليته منها ، وتحضيضه على التزام الصبر واحتساب الأجر والرضا بقدر الله ، والتسليم لأمره .

                                                                                                                            والثاني : الدعاء بأن يعوضه الله من مصابه جزيل الثواب ويحسن له العقبى والمآب .

                                                                                                                            والثالث الدعاء للميت والترحم عليه والاستغفار له انتهى .

                                                                                                                            وأما ألفاظ التعزية فقال في الجواهر إثر كلامه المتقدم ذكر ابن حبيب ألفاظا في التعزية عن جماعة من السلف ، ثم قال والقول في ذلك واسع إنما هو على قدر منطق الرجل وما يحضره في ذلك من القول وقد استحسنت أن أقول : أعظم الله أجرك على مصيبتك ، وأحسن عزاءك عنها ، وعقباك منها غفر الله لميتك ورحمه ، وجعل ما خرج إليه خيرا مما خرج عنه انتهى .

                                                                                                                            ونص كلام ابن حبيب على ما نقله عنه في النوادر وقال ابن حبيب وقد جاء في تعزية المصاب ثواب كثير ، وجاء أن الله يلبس الذي عزاه لباس التقوى ، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عزى قال : بارك الله لك في الباقي وآجرك في الفاني { وعزى النبي صلى الله عليه وسلم امرأة في ابنها فقال : إن لله ما أخذ وله ما أبقى ، ولك أجل مسمى ، وكل إليه راجع ، فاحتسبي واصبري ، فإنما الصبر عند أول الصدمة } .

                                                                                                                            وكان محمد بن سيرين إذا عزى قال : أعظم الله أجرك ، وجبر مصيبتك ، وأحسن عزاءك عنها ، وأعقبك عقبا نافعا لدنياك وأخراك وكان مكحول يقول أعظم الله أجرك وأحسن عقباك وغفر لمتوفاك قال ابن حبيب : وكل واسع بقدر ما يحضر الرجل وبقدر منطقه ، وأنا أقول : أعظم الله أجرك على مصيبتك وأحسن عزاءك عنها وعقباك منها ، غفر الله لميتك ورحمه وجعل ما خرج إليه خيرا مما خرج منه ، وقال غيره : وأحسن التعزية ما جاء به الحديث آجركم الله في مصيبتكم وأعقبكم الله خيرا منها إنا لله وإنا إليه راجعون انتهى .

                                                                                                                            وزاد سند عن ابن حبيب وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات وجاءت التعزية سمعوا صوتا من جانب البيت : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وخلفا من كل هالك وعوضا [ ص: 230 ] من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا ; فإن المصاب من حرم الثواب انتهى .

                                                                                                                            قال في المدخل وقد ورد في التعزية ألفاظ متعددة وقال بعضهم : وأحسن التعزية ما جاء في الحديث { آجركم الله على مصيبتكم وأعقبكم خيرا منها إنا لله وإنا إليه راجعون } انتهى

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية