وأما الاختلاف في - أهو بدعة أم لا ؟ فزعم قوم أنها بدعة ، ثم اختلفوا . طلاق الثلاث مجموعة
فقالت طائفة منهم - لا يقع ألبتة ، لأن البدعة مردودة .
وقالت طائفة منهم : بل يرد إلى حكم الواحد المأمور بأن يكون حكم الطلاق كذلك .
قالت طائفة : بل تقع كما هو ، ويؤدب المطلق كذلك .
وقالت طائفة : ليست بدعة ، ولكنها سنة لا كراهة فيها .
واحتج من قال : إنها تبطل بقول الله تعالى : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } الآية .
وبقوله تعالى : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن } إلى قوله تعالى { وبعولتهن أحق بردهن في ذلك } .
وبقوله تعالى : { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف } .
قالوا : فلا يكون طلاقا إلا ما كان بهذه الصفة . [ ص: 385 - 386 ]
قالوا : ومعنى قول الله تعالى : { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } أي مرة بعد مرة كما تقول : سير به فرسخان .
وذكروا ما رويناه - من طريق أحمد بن شعيب نا سليمان بن داود نا نا ابن وهب مخرمة - هو ابن بكير بن الأشج - عن أبيه قال : سمعت قال : { محمود بن لبيد } . [ ص: 387 ] أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان ثم قال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله ألا أقتله
قال أحمد بن شعيب : لا أعلم أحدا رواه غير مخرمة .
قال : أما قولهم : " البدعة مردودة " فصدقوا ، ولو كانت بدعة لوجب أن ترد وتبطل . [ ص: 388 ] أبو محمد
وأما الآيات - فإنما نزلت فيمن طلق واحدة أو اثنتين فقط .
ثم تسألهم عمن طلق مرة ، ثم راجع ، ثم مرة ، ثم راجع ثانية ، ثم ثالثة ، أببدعة أتى ؟ فمن قولهم : لا ، بل بسنة ؟ فنسألهم : أتحكمون له بما في الآيات المذكورات ؟ فمن قولهم : لا ، بلا خلاف .
فصح أن المقصود - في الآيات المذكورات - من أراد أن يطلق طلاقا رجعيا ؟ فبطل احتجاجهم بها في حكم من طلق ثلاثا .
وأما قولهم معنى قوله : { الطلاق مرتان } أن معناه : مرة بعد مرة فخطأ ، بل هذه الآية كقوله تعالى : { نؤتها أجرها مرتين } أي مضاعفا معا .
[ ص: 389 ] وهذه الآية أيضا تعليم لما دون الثلاث من الطلاق ، وهو حجة لنا عليهم ، لأنهم لا يختلفون - يعني المخالفين لنا - في أن طلاق السنة هو أن يطلقها واحدة ، ثم يتركها حتى تنقضي عدتها - في قول طائفة منهم .
وفي قول آخرين منهم : أن يطلقها في كل طهر طلقة - : وليس شيء من هذا في هذه الآية ، وهم لا يرون من طلق طلقتين متتابعتين في كلام متصل : طلاق سنة ، فبطل تعلقهم بقوله تعالى : { الطلاق مرتان } .
وأما خبر فمرسل ، ولا حجة في مرسل - محمود بن لبيد ومخرمة لم يسمع من أبيه شيئا .
وأما قول من قال : إن الثلاث تجعل واحدة ، فإنهم احتجوا بما رويناه من طريق نا مسلم نا محمد بن رافع نا عبد الرزاق عن معمر عن أبيه عن ابن طاوس قال : كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابن عباس وأبي بكر وسنتين من خلافة : طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر : إن الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ؟ فأمضاه عليهم . [ ص: 390 ] عمر بن الخطاب
وروينا من طريق الدبري عن عن عبد الرزاق : أخبرني ابن جريج عن أبيه أن ابن طاوس قال أبا الصهباء : ألم تعلم أنها كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لابن عباس وأبي بكر وصدرا من إمارة ؟ قال : نعم . عمر
ومن طريق أحمد بن شعيب نا سليمان بن سيف الحراني نا - عن أبو عاصم هو النبيل عن ابن جريج عن أبيه أن ابن طاوس قال أبا الصهباء : ألم تعلم أن الثلاث كانت تجعل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرا من خلافة عمر ترد إلى الواحدة ؟ قال : نعم . لابن عباس
ورويناه أيضا من طريق عن مسلم نا إسحاق بن راهويه عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس . ابن عباس
وبما رويناه من طريق أبي داود نا نا أحمد بن صالح نا عبد الرزاق أخبرني بعض بني ابن جريج أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عكرمة عن قال { ابن عباس عبد يزيد أبو ركانة وإخوته أم ركانة - فذكر الحديث وفيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : راجع امرأتك أم ركانة وإخوته ؟ فقال : إني طلقتها ثلاثا يا رسول الله ؟ قال : قد علمت أرجعها وتلا { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } } . : طلق
[ ص: 391 ] قال : ما نعلم لهم شيئا احتجوا به غير هذا ، وهذا لا يصح ، لأنه عن غير مسمى من أبو محمد بني أبي رافع ولا حجة في مجهول ، وما نعلم في بني أبي رافع من يحتج به إلا عبيد الله وحده وسائرهم مجهولون .
وأما حديث - عن طاوس الذي فيه أن الثلاث كانت واحدة وترد إلى الواحدة وتجعل واحدة فليس شيء منه أنه عليه الصلاة والسلام هو الذي جعلها واحدة ، [ ص: 392 ] أو ردها إلى الواحدة ، ولا أنه عليه الصلاة والسلام علم بذلك فأقره ، ولا حجة إلا فيما صح أنه عليه الصلاة والسلام قاله أو فعله أو علمه فلم ينكره وإنما يلزم هذا الخبر من قال في قول ابن عباس { أبي سعيد الخدري } ، وأما نحن فلا - والحمد لله رب العالمين . : كنا نخرج في زكاة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صاعا من كذا
وأما من قال : إنها معصية وأنها تقع فإنهم موهوا بما رويناه من طريق عن عبد الرزاق يحيى بن العلاء عن عبيد الله بن الوليد الرصافي العجلي عن إبراهيم - هو ابن عبيد الله بن عبادة بن الصامت - عن عن داود قال : { عبادة بن الصامت } . طلق جدي امرأة له ألف تطليقة فانطلق أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أما اتقى الله جدك ، أما ثلاث فله ، وأما تسعمائة وسبع وتسعون فعدوان وظلم ، إن شاء الله عذبه ، وإن شاء غفر له
ورواه بعض الناس عن صدقة بن أبي عمران عن إبراهيم بن عبيد الله بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده قال : { } . طلق بعض آبائي امرأته فانطلق بنوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إن أبانا طلق أمنا ألفا فهل له من مخرج ؟ فقال : إن أباكم لم يتق الله فيجعل مخرجا بانت منه بثلاث على غير السنة ، وتسعمائة وسبع وتسعون إثما في عنقه
وخبر روي من طريق محمد بن شاذان عن عن معلى بن منصور شعيب بن رزيق أن حدثهم عن عطاء الخراساني الحسن قال : نا " أنه طلق امرأته وهي حائض ثم أراد أن يتبعها تطليقتين أخريين عند القرأين الباقيين فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { عبد الله بن عمر ما هكذا أمرك الله إنك قد أخطأت السنة ابن عمر } وذكر الخبر ، وفيه - فقلت { فقال : يا } . [ ص: 393 ] : يا رسول الله لو كنت طلقتها ثلاثا أكان لي أن أراجعها ؟ قال : لا ، كانت تبين وتكون معصية
والخبر الذي ذكرناه آنفا من طريق إسماعيل بن أمية الذراع عن عن حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { أنس } . من طلق في بدعة ألزمناه بدعته
وذكروا عمن دون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما ذكرناه آنفا من قول في حديث عمر : إن الناس قد استعجلوا أمرا كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم . طاوس
ومن طريق عن عبد الرزاق إسماعيل بن أبي عبد الله أخبرني عبيد الله بن العيزار أنه سمع يقول : كان أنس بن مالك إذا ظفر بمن طلق ثلاثا أوجع رأسه . عمر
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر الزهري عن عن أبيه قال : من طلق امرأته ثلاثا طلقت وعصى ربه . سالم بن عبد الله بن عمر
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر عن أبيه قال : كان ابن طاوس إذا سئل عمن طلق امرأته ثلاثا ؟ قال : لو اتقيت الله لجعل لك مخرجا . ابن عباس
قال : لا نعلم لهم شيئا يشغبون به إلا هذا ، وكله لا حجة لهم فيه - أما حديث أبو محمد ففي غاية السقوط ، لأنه إما من طريق عبادة بن الصامت يحيى بن العلاء - وليس بالقوي - عن عبيد الله بن الوليد الوصافي - وهو هالك - عن إبراهيم بن عبيد الله بن عبادة بن الصامت - وهو مجهول لا يعرف . [ ص: 394 ]
ثم هو منكر جدا ، لأنه لم يوجد قط في شيء من الآثار : أن والد - رضي الله عنه - أدرك الإسلام ، فكيف جده ؟ وهو محال بلا شك . عبادة
ثم ألفاظه متناقضة في بعضها " أما ثلاث فلك " وهذا إباحة للثلاث ، وبعضها بخلاف ذلك .
وأما حديث - ففي غاية السقوط ، لأنه عن ابن عمر رزيق بن شعيب أو شعيب بن رزيق الشامي - وهو ضعيف - وقد ذكرنا ضعف إسماعيل بن أمية الذراع وجهالته فبطل ما شغبوا به .
ولم يبق بأيديهم شيء - والحمد لله رب العالمين .
وأما ما ذكروا عن الصحابة - رضي الله عنهم - فالرواية عن " نرى الناس قد استعجلوا شيئا كانت لهم فيه أناة " فلا دليل فيه على أن طلاق الثلاث معصية أصلا وهو صحيح عن عمر ولا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " . ابن عمر
قال : ولا أضعف من قول من يقر أنه ينفذ البدعة ويحكم بما لا يجوز بغير نص من الله تعالى ، ولا من رسوله صلى الله عليه وآله وسلم . أبو محمد
قال : ثم وجدنا من حجة من قال : إن الطلاق الثلاث مجموعة سنة ولا بدعة قول الله تعالى : { أبو محمد فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } فهذا يقع على الثلاث مجموعة ومفرقة ، ولا يجوز أن يخص بهذه الآية بعض ذلك دون بعض بغير نص - وكذلك قوله تعالى : { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } عموم [ ص: 395 ] لإباحة الثلاث والاثنين والواحدة ، وقوله تعالى : { وللمطلقات متاع بالمعروف } فلم يخص تعالى مطلقة واحدة من مطلقة اثنتين ومن مطلقة ثلاثا .
ووجدنا ما رويناه من طريق عن مالك ابن شهاب : أن أخبره عن حديث اللعان سهل بن سعد الساعدي عويمر العجلاني مع امرأته - وفي آخره : أنه قال { } . : كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال : وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
قال : لو كان طلاق الثلاث مجموعة معصية لله تعالى لما سكت رسول [ ص: 396 ] الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيان ذلك - فصح يقينا أنها سنة مباحة . أبو محمد
وقال بعض أصحابنا : لا يخلو من أن يكون طلقها وهي امرأته ، أو طلقها وقد حرمت عليه ، ووجب التفريق بينهما ، فإن كان طلقها وهي امرأته فليس هذا قولكم ، لأن قولكم أنها بتمام اللعان تبين عنه إلى الأبد ، وإن كان طلقها أجنبية ، فإنما نحن فيمن طلق امرأته ، لا فيمن طلق أجنبية ؟ فقلنا : إنما طلقها وهو يقدر أنها امرأته - هذا ما لا يشك فيه أحد فلو كان ذلك معصية لسبقكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذا الاعتراض ، فإنما حجتنا كلها في ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإنكار على من طلق ثلاثا مجموعة امرأة يظنها امرأته ، ولا يشك أنها في عصمته فقط .
فإن قالوا : ليس كل مسكوت عن ذكره في الأخبار يكون ترك ذكره حجة ؟ .
فقلنا : نعم ، هو حجة لازمة إلا أن يوجد بيان في خبر آخر لم يذكر في هذا الخبر فحينئذ لا يكون السكوت عنه في خبر آخر حجة .
ومن طريق نا البخاري محمد بن بشار نا - عن يحيى - هو ابن سعيد القطان عبيد بن عمر نا عن القاسم بن محمد بن أبي بكر قالت : { عائشة أم المؤمنين } فلم ينكر عليه الصلاة والسلام هذا السؤال ، ولو كان لا يجوز لأخبر بذلك . إن رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجت فطلق . فسئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتحل للأول ؟ قال : لا ، حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول
وخبر المشهور - : رويناه من طريق فاطمة بنت قيس أخبرني يحيى بن أبي كثير أن أبو سلمة بن عبد الرحمن فاطمة بنت قيس أخبرته : أن زوجها ابن حفص بن المغيرة المخزومي طلقها ثلاثا ثم انطلق إلى اليمن ، فانطلق في نفر فأتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيت خالد بن الوليد فقالوا : إن ميمونة أم المؤمنين ابن حفص طلق [ ص: 397 ] امرأته ثلاثا فهل لها من نفقة ؟ فقال رسول الله { } وذكر باقي الخبر . صلى الله عليه وآله وسلم : ليس لها نفقة وعليها العدة
ومن طريق نا مسلم نا إسحاق بن منصور - عن عبد الرحمن - هو ابن مهدي عن سفيان الثوري أبي بكر بن أبي الجهم قال : سمعت فذكرت حديث طلاقها قالت { فاطمة بنت قيس } وذكرت باقي الخبر . وأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : كم طلقك ؟ قلت : ثلاثا ، فقال : صدق ، ليس لك نفقة
ومن طريق نا مسلم نا محمد بن المثنى نا حفص بن غياث عن أبيه عن هشام بن عروة قالت : { فاطمة بنت قيس } . قلت : يا رسول الله إن زوجي طلقني ثلاثا وأنا أخاف أن يقتحم علي ؟ قال : فأمرها فتحولت
ومن طريق نا مسلم نا محمد بن المثنى نا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل الشعبي عن عن النبي صلى الله عليه وسلم في المطلقة ثلاثا قال : { فاطمة بنت قيس } . ليس لها سكنى ولا نفقة
فهذا نقل تواتر عن بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبرها هي ونفر سواها بأن زوجها طلقها ثلاثا . فاطمة
وبأنه عليه الصلاة والسلام حكم في المطلقة ثلاثا ولم ينكر عليه الصلاة والسلام ذلك ، ولا أخبر بأنه ليس بسنة - وفي هذا كفاية لمن نصح نفسه .
فإن قيل : إن الزهري روى عن هذا الخبر فقال فيه : إنها ذكرت أنه [ ص: 398 ] طلقها آخر ثلاث تطليقات - وروى أبي سلمة الزهري عن أن زوجها أرسل إليها بتطليقة كانت بقيت لها من طلاقها - فذكر الخبر وفيه : فأرسل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة مروان إليها قبيصة بن ذؤيب فحدثته - وذكر باقي الخبر ؟ قلنا : نعم ، هكذا رواه الزهري ، فأما روايته من طريق عبيد الله فمنقطعة ، لم يذكر عبيد الله ذلك عنها ، ولا عن قبيصة عنها ، إنما قال : إن طلقها زوجها ، وأن فاطمة مروان بعث إليها قبيصة فحدثته .
وأما خبره عن فمتصل - إلا أن كلا الخبرين ليس فيهما : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبرته هي ولا غيرها بذلك - إنما المسند الصحيح الذي فيه : أنه عليه الصلاة والسلام سأل عن كمية طلاقها وأنها أخبرته ، فهي التي قدمنا أولا وعلى ذلك الإجمال جاء حكمه عليه الصلاة والسلام . أبي سلمة
وكذلك كل لفظ روي به خبر من " أبت طلاقي " ، " وطلقها ألبتة " " وطلقها طلاقا باتا " " وطلاقا بائنا " فليس في شيء منه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقف عليه أصلا . فاطمة
فسقط كل ذلك ، وثبت حكمه عليه الصلاة والسلام على ما صح أنه أخبر به من أنه طلقها ثلاثا فقط .
وأما الصحابة رضي الله عنهم فإن الثابت عن الذي لا يثبت عنه غيره ما رويناه من طريق عمر عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري نا سلمة بن كهيل [ ص: 399 ] أنه رفع إلى زيد بن وهب برجل طلق امرأته ألفا فقال له عمر بن الخطاب : أطلقت امرأتك ؟ فقال : إنما كنت ألعب ، فعلاه عمر بالدرة وقال : إنما يكفيك من ذلك ثلاث - فإنما ضربه عمر على الزيادة على الثلاث ، وأحسن عمر في ذلك ، وأعلمه أن الثلاث تكفي ولم ينكرها . عمر
ومن طريق عن وكيع عن الأعمش جاء رجل إلى حبيب بن أبي ثابت فقال : إني طلقت امرأتي ألفا ؟ فقال له علي بن أبي طالب : بانت منك بثلاث ، واقسم سائرهن بين نسائك - فلم ينكر جمع الثلاث . علي
ومن طريق عن وكيع جعفر بن برقان عن معاوية بن أبي يحيى قال : جاء رجل إلى فقال : طلقت امرأتي ألفا ؟ فقال : بانت منك بثلاث - فلم ينكر الثلاث . عثمان بن عفان
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عمرو بن مرة قال : قال رجل سعيد بن جبير : طلقت امرأتي ألفا ؟ فقال له لابن عباس : ثلاث تحرمها عليك ، وبقيتها عليك وزرا ، اتخذت آيات الله هزوا - لم ينكر الثلاث وأنكر ما زاد . ابن عباس
والذي جاء عنه من قوله لمن طلق ثلاثا ثم ندم " لو اتقيت الله لجعل لك مخرجا " وهو على ظاهره : نعم ، إن اتقى الله جعل له مخرجا - وليس فيه أن طلاقه الثلاث معصية . [ ص: 400 ]
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش إبراهيم عن علقمة قال : جاء رجل عن فقال : إني طلقت امرأتي تسعا وتسعين ؟ فقال له ابن مسعود : ثلاث تبينها وسائرهن عدوان . ابن مسعود
وهذان خبران في غاية الصحة لم ينكر ، ابن مسعود الثلاث مجموعة أصلا ، وإنما أنكر الزيادة على الثلاث . وابن عباس
ومن طريق أحمد بن شعيب أنا عمرو بن علي نا عن يحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري أبي إسحاق السبيعي عن عن أبي الأحوص قال : عبد الله بن مسعود أن يطلقها طاهرا من غير جماع - وهذا في غاية الصحة عن طلاق السنة فلم يخص طلقة من طلقتين من ثلاث . ابن مسعود
فإن قيل : قد روى عن الأعمش أبي إسحاق عن عن أبي الأحوص وفيه فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى ، فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى ؟ قلنا : نعم ، هذا أيضا سنة - وليس فيه أن ما عدا ذلك حرام وبدعة . ابن مسعود
فإن قيل : قد رويتم من طريق نا حماد بن زيد يحيى بن عتيق عن قال : قال محمد بن سيرين : لو أن الناس أخذوا بأمر الله تعالى في الطلاق ما يبيح رجل نفسه في امرأة أبدا يبدأ فيطلقها تطليقة ، ثم يتربص ما بينها وبين أن تنقضي عدتها ، فمتى ما شاء راجعها ؟ قلنا هذا منقطع عنه ، لأن علي بن أبي طالب لم يسمع من ابن سيرين كلمة ، ثم ليس فيه أيضا : أن ما عدا ذلك معصية ولا بدعة - لا يعلم عن الصحابة رضي الله عنهم غير ما ذكرنا . [ ص: 401 ] علي
وأما التابعون - فروينا من طريق عن وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد الشعبي قال : قال رجل القاضي : طلقت امرأتي مائة ؟ فقال : بانت منك بثلاث ؟ وسبع وتسعون إسراف ومعصية - فلم ينكر لشريح الثلاث ، وإنما جعل الإسراف والمعصية ما زاد على الثلاث . شريح
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : طلاق العدة أن يطلقها إذا طهرت من الحيضة بغير جماع . سعيد بن المسيب
قال : فلم يخص واحدة من ثلاث ، من اثنتين - لا يعلم عن أحد من التابعين - أن الثلاث معصية - صرح بذلك إلا أبو محمد الحسن .
: قول والقول بأن الثلاث سنة ، الشافعي ، وأصحابهما . وأبي ذر