الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة

جزء

( فصل وإذا اشتد الخوف صلوا وجوبا ولا يؤخرونها رجالا وركبانا ) متوجهين ( إلى القبلة وغيرها ) لقوله تعالى { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } .

قال { ابن عمر فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم وركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها } متفق عليه زاد البخاري .

قال نافع " لا أرى ابن عمر قال ذلك إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم " ورواه ابن ماجه مرفوعا ، ولأنه صلى الله عليه وسلم { صلى بأصحابه في غير شدة الخوف وأمرهم بالمشي إلى وجاه العدو وهم في الصلاة ثم يعودون لقضاء ما بقي من صلاتهم } وهو مشي كثير وعمل طويل واستدبار للقبلة ، فمع شدة الخوف أولى ( يومئون ) بالركوع والسجود ( إيماء على قدر الطاقة ) لأنهم لو تمموا الركوع والسجود لكانوا هدفا لأسلحة الكفار ، معرضين أنفسهم للهلاك .

( و ) يكون ( سجودهم أخفض من ركوعهم ) كالمريض ( وسواء وجد ) اشتداد الخوف ( قبلها ) أي الصلاة ( أو فيها ) لعموم الآية .

( ولو احتاج ) المصلي الخائف ( عملا كثيرا ) لما تقدم .

( فَصْلٌ وَإِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا وُجُوبًا وَلَا يُؤَخِّرُونَهَا رِجَالًا وَرُكْبَانًا ) مُتَوَجِّهِينَ ( إلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } .

قَالَ { ابْنُ عُمَرَ فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَرُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ زَادَ الْبُخَارِيُّ .

قَالَ نَافِعٌ " لَا أَرَى ابْنَ عُمَرَ قَالَ ذَلِكَ إلَّا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مَرْفُوعًا ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَأَمَرَهُمْ بِالْمَشْيِ إلَى وِجَاهِ الْعَدُوِّ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ يَعُودُونَ لِقَضَاءِ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ } وَهُوَ مَشْيٌ كَثِيرٌ وَعَمَلٌ طَوِيلٌ وَاسْتِدْبَارٌ لِلْقِبْلَةِ ، فَمَعَ شِدَّةِ الْخَوْفِ أَوْلَى ( يُومِئُونَ ) بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ( إيمَاءً عَلَى قَدْرِ الطَّاقَةِ ) لِأَنَّهُمْ لَوْ تَمَّمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ لَكَانُوا هَدَفًا لِأَسْلِحَةِ الْكُفَّارِ ، مُعَرِّضِينَ أَنْفُسَهُمْ لِلْهَلَاكِ .

( وَ ) يَكُونُ ( سُجُودُهُمْ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِمْ ) كَالْمَرِيضِ ( وَسَوَاءٌ وُجِدَ ) اشْتِدَادُ الْخَوْفِ ( قَبْلَهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ ( أَوْ فِيهَا ) لِعُمُومِ الْآيَةِ .

( وَلَوْ احْتَاجَ ) الْمُصَلِّي الْخَائِفُ ( عَمَلًا كَثِيرًا ) لِمَا تَقَدَّمَ .

التالي السابق

الخدمات العلمية

تفسير الآية ترجمة علم عناوين الشجرة تخريج حديث