( 4543 ) فصل : أكلها في الحال . وبهذا قال ويتخير ملتقطها بين ثلاثة أشياء ; ، مالك ، وأبو حنيفة ، وغيرهم . قال والشافعي : أجمعوا على أن ضالة الغنم ، في الموضع المخوف عليها ، له أكلها . والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : { ابن عبد البر } . فجعلها له في الحال ، وسوى بينه وبين الذئب ، والذئب لا يستأني بأكلها ، ولأن في أكلها في الحال إغناء عن الإنفاق [ ص: 29 ] عليها ، وحراسة لماليتها على صاحبها إذا جاء . هي لك أو لأخيك أو للذئب
فإنه يأخذ قيمتها بكمالها من غير نقص ، وفي إبقائها تضييع للمال بالإنفاق عليها ، والغرامة في علفها ، فكان أكلها أولى . ومتى أراد أكلها حفظ صفتها ، فمتى جاء صاحبها غرمها له ، في قول عامة أهل العلم ، إلا ، فإنه قال : كلها ، ولا غرم عليك لصاحبها ولا تعريف ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " هي لك " . ولم يوجب فيها تعريفا ولا غرما ، وسوى بينه وبين الذئب ، والذئب لا يعرف ولا يغرم . قال مالكا : لم يوافق ابن عبد البر أحد من العلماء على قوله . وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث مالكا : { عبد الله بن عمرو } رد على أخيك ضالته
دليل على أن الشاة على ملك صاحبها ، ولأنها لقطة لها قيمة ، وتتبعها النفس ، فتجب غرامتها لصاحبها إذا جاء كغيرها ، ولأنها ملك لصاحبها ، فلم يجز تملكها عليه بغير عوض من غير رضاه ، كما لو كانت بين البنيان ، ولأنها عين يجب ردها مع بقائها ، فوجب غرمها إذا أتلفها ، كلقطة الذهب . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " هي لك " . لا يمنع وجوب غرامتها ، فإنه قد أذن في لقطة الذهب والورق بعد تعريفها ، في أكلها وإنفاقها ، وقال : " هي كسائر مالك " . ثم أجمعنا على وجوب غرامتها ، كذلك الشاة ، ولا فرق في إباحة أكلها بين وجدانها في الصحراء أو في المصر
وقال ، مالك ، وأصحاب وأبو عبيد ، الشافعي : ليس له أكلها في المصر ; لأنه يمكن بيعها ، بخلاف الصحراء . ولنا أن ما جاز أكله في الصحراء ، أبيح في المصر ، كسائر المأكولات ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " هي لك " . ولم يفرق ، ولأن أكلها معلل بما ذكرنا من الاستغناء عن الإنفاق عليها ، وهذا في المصر أشد منه في الصحراء . وابن المنذر
الثاني ، أن يمسكها على صاحبها ، وينفق عليها من ماله ، ولا يتملكها . وإن أحب أن ينفق عليها محتسبا بالنفقة على مالكها ، وأشهد على ذلك ، فهل له أن يرجع بالنفقة ؟ على روايتين إحداهما يرجع به
نص عليه ، في رواية المروذي ، في طيرة أفرخت عند قوم ، فقضى أن الفراخ لصاحب الطيرة ، ويرجع بالعلف إذا لم يكن متطوعا . وقضى في من وجد ضالة ، فأنفق عليها ، وجاء ربها ، بأنه يغرم له ما أنفق ; وذلك لأنه أنفق على اللقطة لحفظها ، فكان من مال صاحبها ، كمؤنة الرطب والعنب . والرواية الثانية ، لا يرجع بشيء . وهو قول عمر بن عبد العزيز الشعبي ، . ولم يعجب والشافعي الشعبي قضاء ; لأنه أنفق على مال غيره بغير إذنه ، فلم يرجع . عمر بن عبد العزيز
كما لو بني داره ، ويفارق العنب والرطب ، فإنه ربما كان تجفيفه والإنفاق عليه في ذلك أحظ لصاحبه ; لأن النفقة لا تتكرر ، والحيوان يتكرر الإنفاق عليه ، فربما استغرق قيمته ، فكان بيعه أو أكله أحظ ، فلذلك لم يحتسب المنفق عليها بما أنفق . الثالث أن يبيعها ويحفظ ثمنها لصاحبها ، وله أن يتولى ذلك بنفسه . وقال بعض أصحاب : يبيعها بإذن الإمام . الشافعي
[ ص: 30 ] ولنا أنه إذا جاز له أكلها بغير إذن ، فبيعها أولى . ولم يذكر أصحابنا لها تعريفا في هذه المواضع
وهذا قول ; لحديث مالك زيد بن خالد ; فإنه صلى الله عليه وسلم قال : { } . ولم يأمر بتعريفها ، كما أمر في لقطة الذهب والورق . ولنا أنها لقطة لها خطر ، فوجب تعريفها ، كالمطعوم الكثير ، وإنما ترك ذكر تعريفها لأنه ذكرها بعد بيانه التعريف فيما سواها ، فاستغني بذلك عن ذكره فيها ، ولا يلزم من جواز التصرف فيها في الحول سقوط التعريف ، كالمطعوم . خذها ، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب
( 4544 ) فصل : ولا يلزمه عزلها ; لعدم الفائدة في ذلك ، فإنها لا تنتقل من الذمة إلى المال المعزول . ولو عزل شيئا ثم أفلس ، كان صاحب اللقط أسوة الغرماء ، ولم يختص بالمال المعزول . وإن باعها ، وحفظ ثمنها ، وجاء صاحبها ، أخذه ، ولم يشاركه فيه أحد من الغرماء ; لأنه عين ماله ، لا شيء للمفلس فيه . إذا أكلها ثبتت قيمتها في ذمته ،