(
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=9أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=12له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=9أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=12له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم )
واعلم أن كلمة " ذلك " للإشارة إلى شيء سبق ذكره فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا ) يقتضي تشبيه وحي الله بالقرآن بشيء ههنا قد سبق ذكره ، وليس ههنا شيء سبق ذكره يمكن تشبيه وحي القرآن به إلا قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=6والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل ) [ الشورى : 6 ] يعني كما أوحينا إليك أنك لست حفيظا عليهم ولست وكيلا عليهم ، فكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتكون نذيرا لهم ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7لتنذر أم القرى ) أي لتنذر أهل
أم القرى لأن البلد لا تعقل وهو كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82واسأل القرية ) [ يوسف : 82 ]
وأم القرى أصل القرى وهي
مكة وسميت بهذا الاسم إجلالا لها ؛ لأن فيها البيت
ومقام إبراهيم ، والعرب تسمي أصل كل شيء أمه حتى يقال : هذه القصيدة من أمهات قصائد فلان ، ومن حولها من أهل البدو والحضر وأهل المدر ، والإنذار التخويف ، فإن قيل فظاهر اللفظ يقتضي أن الله تعالى إنما أوحى إليه لينذر أهل
مكة وأهل القرى المحيطة
بمكة ، وهذا يقتضي أن يكون رسولا إليهم فقط وأن لا يكون رسولا إلى كل العالمين . والجواب : أن
[ ص: 128 ] التخصيص بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما سواه ، فهذه الآية تدل على كونه رسولا إلى هؤلاء خاصة ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=28وما أرسلناك إلا كافة للناس ) [ سبأ : 28 ] يدل على
nindex.php?page=treesubj&link=29629_28747_31048كونه رسولا إلى كل العالمين ، أيضا لما ثبت كونه رسولا إلى أهل
مكة وجب كونه صادقا ، ثم إنه نقل إلينا بالتواتر أنه كان يدعي أنه رسول إلى كل العالمين ، والصادق إذا أخبر عن شيء وجب تصديقه فيه ، فثبت أنه رسول إلى كل العالمين .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وتنذر يوم الجمع ) الأصل أن يقال : أنذرت فلانا بكذا ، فكان الواجب أن يقال : لتنذر
أم القرى بيوم الجمع ، وأيضا فيه إضمار ، والتقدير لتنذر أهل
أم القرى بعذاب يوم الجمع وفي
nindex.php?page=treesubj&link=30291تسميته بيوم الجمع وجوه :
الأول : أن الخلائق يجمعون فيه قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=9يوم يجمعكم ليوم الجمع ) [ التغابن : 9 ] فيجتمع فيه أهل السماوات مع أهل الأرض .
الثاني : أنه يجمع بين الأرواح والأجساد .
الثالث : يجمع بين كل عامل وعمله .
الرابع : يجمع بين الظالم والمظلوم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7لا ريب فيه ) صفة ليوم الجمع الذي لا ريب فيه ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7فريق في الجنة وفريق في السعير ) تقديره ليوم الجمع الذي من صفته يكون القوم فيه فريقين ، فريق في الجنة وفريق في السعير ، فإن قيل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7يوم الجمع ) يقتضي كون القوم مجتمعين ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7فريق في الجنة وفريق في السعير ) يقتضي كونهم متفرقين ، والجمع بين الصفتين محال ، قلنا إنهم يجتمعون أولا ثم يصيرون فريقين .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ) والمراد تقرير قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=6والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل ) [ الشورى : 6 ] أي لا يكن في قدرتك أن تحملهم على الإيمان ، فلو شاء الله ذلك لفعله لأنه أقدر منك ، ولكنه جعل البعض مؤمنا والبعض كافرا ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8يدخل من يشاء في رحمته ) يدل على أنه تعالى هو الذي أدخلهم في الإيمان والطاعة ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير ) يعني أنه تعالى ما أدخلهم في رحمته ، وهذا يدل على أن الأولين إنما دخلوا في رحمته ، لأنه كان لهم ولي ونصير أدخلهم في تلك الرحمة ، وهؤلاء ما كان لهم ولي ولا نصير يدخلهم في رحمته .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=9أم اتخذوا من دونه أولياء ) والمعنى أنه تعالى حكى عنهم أولا أنهم اتخذوا من دونه أولياء ، ثم قال بعده
لمحمد صلى الله عليه وسلم : لست عليهم رقيبا ولا حافظا ، ولا يجب عليك أن تحملهم على الإيمان شاءوا أم أبوا ، فإن هذا المعنى لو كان واجبا لفعله الله ؛ لأنه أقدر منك ، ثم إنه أعاد بعده ذلك الكلام على سبيل الاستنكار ، فإن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=9أم اتخذوا من دونه أولياء ) استفهام على سبيل الإنكار .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=9فالله هو الولي ) والفاء في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=9فالله هو الولي ) جواب شرط مقدر ، كأنه قال : إن أرادوا أولياء بحق ، فالله هو الولي بالحق لا ولي سواه ؛ لأنه يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ، فهو الحقيق بأن يتخذ وليا دون من لا يقدر على شيء .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : وجه النظم أنه تعالى كما منع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحمل الكفار على الإيمان قهرا ، فكذلك منع المؤمنين أن يشرعوا معهم في الخصومات والمنازعات ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) وهو إثابة المحقين فيه ومعاقبة المبطلين ، وقيل وما اختلفتم فيه من شيء وتنازعتم فتحاكموا فيه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا تؤثر حكومة غيره على حكومته ، وقيل : وما وقع بينكم فيه خلاف من الأمور التي لا تصل بتكليفكم ، ولا طريق لكم إلى عمله كحقيقة الروح ، فقولوا : الله أعلم به ، قال تعالى :
[ ص: 129 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ) [الإسراء : 85] .
المسألة الثانية : تقدير الآية كأنه قال : قل يا
محمد (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) والدليل عليه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب ) .
المسألة الثالثة : احتج نفاة القياس بهذه الآية ، فقالوا : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) إما أن يكون المراد : فحكمه مستفاد من نص الله عليه ، أو المراد : فحكمه مستفاد من القياس على ما نص الله عليه ، والثاني باطل ؛ لأنه يقتضي كون كل الأحكام مثبتة بالقياس بأنه باطل ، فيعتبر الأول ، فوجب كون كل الأحكام مثبتة بالنص ، وذلك ينفي
nindex.php?page=treesubj&link=21709العمل بالقياس ، ولقائل أن يقول : لم لا يجوز أن يكون المراد : فحكمه يعرف من بيان الله تعالى ، سواء كان ذلك البيان بالنص أو بالقياس ؟ أجيب عنه : بأن المقصود من التحاكم إلى الله قطع الاختلاف ، والرجوع إلى القياس يقوي حكم الاختلاف ولا يوضحه ، فوجب أن يكون الواجب هو الرجوع إلى نصوص الله تعالى .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10ذلكم الله ربي ) أي ذلكم الحاكم بينكم هو (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10ربي عليه توكلت ) في دفع كيد الأعداء وفي طلب كل خير (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وإليه أنيب ) أي وإليه أرجع في كل المهمات ، وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10عليه توكلت ) يفيد الحصر ، أي لا أتوكل إلا عليه ، وهو إشارة إلى تزييف طريقة من اتخذ غير الله وليا .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11فاطر السماوات والأرض ) قرئ بالرفع والجر ، فالرفع على أنه خبر " ذلكم " ، أو خبر مبتدأ محذوف ، والجر على تقدير أن يكون الكلام هكذا : وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله فاطر السماوات والأرض ، وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10ذلكم الله ربي ) اعتراض وقع بين الصفة والموصوف ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11جعل لكم من أنفسكم ) من جنسكم من الناس (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11أزواجا ومن الأنعام أزواجا ) أي خلق من الأنعام أزواجا ، ومعناه : وخلق أيضا للأنعام من أنفسها أزواجا (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11يذرؤكم ) أي يكثركم ، يقال : ذرأ الله الخلق ، أي كثرهم ، وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11فيه ) أي في هذا التدبير ، وهو التزويج ، وهو أن جعل الناس والأنعام أزواجا حتى كان بين ذكورهم وإناثهم التوالد والتناسل ، والضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11يذرؤكم ) يرجع إلى المخاطبين ، إلا أنه غلب فيه جانب الناس من وجهين :
الأول : أنه غلب فيه جانب العقلاء على غير العقلاء .
الثاني : أنه غلب فيه جانب المخاطبين على الغائبين ، فإن قيل : ما معنى " يذرؤكم " في هذا التدبير ، ولم لم يقل : يذرؤكم به ؟ قلنا : جعل هذا التدبير كالمنبع والمعدن لهذا التكثير ، ألا ترى أنه يقال للحيوان في خلق الأزواج تكثير ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=179ولكم في القصاص حياة ) [البقرة : 179] .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=9أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=12لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=9أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=12لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )
وَاعْلَمْ أَنَّ كَلِمَةَ " ذَلِكَ " لِلْإِشَارَةِ إِلَى شَيْءٍ سَبَقَ ذِكْرُهُ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا ) يَقْتَضِي تَشْبِيهَ وَحْيِ اللَّهِ بِالْقُرْآنِ بِشَيْءٍ هَهُنَا قَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ ، وَلَيْسَ هَهُنَا شَيْءٌ سَبَقَ ذِكْرُهُ يُمْكِنُ تَشْبِيهُ وَحْيِ الْقُرْآنِ بِهِ إِلَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=6وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ) [ الشُّورَى : 6 ] يَعْنِي كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنَّكَ لَسْتَ حَفِيظًا عَلَيْهِمْ وَلَسْتَ وَكِيلًا عَلَيْهِمْ ، فَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتَكُونَ نَذِيرًا لَهُمْ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى ) أَيْ لِتُنْذِرَ أَهْلَ
أُمِّ الْقُرَى لِأَنَّ الْبَلَدَ لَا تَعْقِلُ وَهُوَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ) [ يُوسُفَ : 82 ]
وَأُمُّ الْقُرَى أَصْلُ الْقُرَى وَهِيَ
مَكَّةُ وَسُمِّيَتْ بِهَذَا الِاسْمِ إِجْلَالًا لَهَا ؛ لِأَنَّ فِيهَا الْبَيْتَ
وَمَقَامَ إِبْرَاهِيمَ ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي أَصْلَ كُلِّ شَيْءِ أُمَّهُ حَتَّى يُقَالَ : هَذِهِ الْقَصِيدَةُ مِنْ أُمَّهَاتِ قَصَائِدِ فُلَانٍ ، وَمَنْ حَوْلَهَا مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ وَالْحَضَرِ وَأَهْلِ الْمَدَرِ ، وَالْإِنْذَارُ التَّخْوِيفُ ، فَإِنْ قِيلَ فَظَاهِرُ اللَّفْظِ يَقْتَضِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَوْحَى إِلَيْهِ لِيُنْذِرَ أَهْلَ
مَكَّةَ وَأَهْلَ الْقُرَى الْمُحِيطَةِ
بِمَكَّةَ ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ رَسُولًا إِلَيْهِمْ فَقَطْ وَأَنْ لَا يَكُونَ رَسُولًا إِلَى كُلِّ الْعَالَمِينَ . وَالْجَوَابُ : أَنَّ
[ ص: 128 ] التَّخْصِيصَ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا سِوَاهُ ، فَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ رَسُولًا إِلَى هَؤُلَاءِ خَاصَّةً ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=28وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ ) [ سَبَأٍ : 28 ] يَدُلُّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=29629_28747_31048كَوْنِهِ رَسُولًا إِلَى كُلِّ الْعَالَمِينَ ، أَيْضًا لَمَّا ثَبَتَ كَوْنُهُ رَسُولًا إِلَى أَهْلِ
مَكَّةَ وَجَبَ كَوْنُهُ صَادِقًا ، ثُمَّ إِنَّهُ نُقِلَ إِلَيْنَا بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُ كَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ رَسُولٌ إِلَى كُلِّ الْعَالَمِينَ ، وَالصَّادِقُ إِذَا أَخْبَرَ عَنْ شَيْءٍ وَجَبَ تَصْدِيقُهُ فِيهِ ، فَثَبَتَ أَنَّهُ رَسُولٌ إِلَى كُلِّ الْعَالَمِينَ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ ) الْأَصْلُ أَنْ يُقَالَ : أَنْذَرْتُ فُلَانًا بِكَذَا ، فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ : لِتُنْذِرَ
أُمَّ الْقُرَى بِيَوْمِ الْجَمْعِ ، وَأَيْضًا فِيهِ إِضْمَارٌ ، وَالتَّقْدِيرُ لِتُنْذِرَ أَهْلَ
أُمِّ الْقُرَى بِعَذَابِ يَوْمِ الْجَمْعِ وَفِي
nindex.php?page=treesubj&link=30291تَسْمِيَتِهِ بِيَوْمِ الْجَمْعِ وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْخَلَائِقَ يُجْمَعُونَ فِيهِ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=9يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ) [ التَّغَابُنِ : 9 ] فَيَجْتَمِعُ فِيهِ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ مَعَ أَهْلِ الْأَرْضِ .
الثَّانِي : أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْأَرْوَاحِ وَالْأَجْسَادِ .
الثَّالِثُ : يَجْمَعُ بَيْنَ كُلِّ عَامِلٍ وَعَمَلِهِ .
الرَّابِعُ : يَجْمَعُ بَيْنَ الظَّالِمِ وَالْمَظْلُومِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7لَا رَيْبَ فِيهِ ) صِفَةٌ لِيَوْمِ الْجَمْعِ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) تَقْدِيرُهُ لِيَوْمِ الْجَمْعِ الَّذِي مِنْ صِفَتِهِ يَكُونُ الْقَوْمُ فِيهِ فَرِيقَيْنِ ، فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ، فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7يَوْمَ الْجَمْعِ ) يَقْتَضِي كَوْنَ الْقَوْمِ مُجْتَمِعِينَ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=7فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) يَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مُتَفَرِّقِينَ ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الصِّفَتَيْنِ مُحَالٌ ، قُلْنَا إِنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ أَوَّلًا ثُمَّ يَصِيرُونَ فَرِيقَيْنِ .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ) وَالْمُرَادُ تَقْرِيرُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=6وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ) [ الشُّورَى : 6 ] أَيْ لَا يَكُنْ فِي قُدْرَتِكَ أَنْ تَحْمِلَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ ، فَلَوْ شَاءَ اللَّهُ ذَلِكَ لَفَعَلَهُ لِأَنَّهُ أَقْدَرُ مِنْكَ ، وَلَكِنَّهُ جَعَلَ الْبَعْضَ مُؤْمِنًا وَالْبَعْضَ كَافِرًا ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي أَدْخَلَهُمْ فِي الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=8وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) يَعْنِي أَنَّهُ تَعَالَى مَا أَدْخَلَهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلِينَ إِنَّمَا دَخَلُوا فِي رَحْمَتِهِ ، لِأَنَّهُ كَانَ لَهُمْ وَلِيٌّ وَنَصِيرٌ أَدْخَلَهُمْ فِي تِلْكَ الرَّحْمَةِ ، وَهَؤُلَاءِ مَا كَانَ لَهُمْ وَلِيٌّ وَلَا نَصِيرٌ يُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَتِهِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=9أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْهُمْ أَوَّلًا أَنَّهُمُ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَسْتَ عَلَيْهِمْ رَقِيبًا وَلَا حَافِظًا ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَحْمِلَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ شَاءُوا أَمْ أَبَوْا ، فَإِنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَفَعَلَهُ اللَّهُ ؛ لِأَنَّهُ أَقْدَرُ مِنْكَ ، ثُمَّ إِنَّهُ أَعَادَ بَعْدَهُ ذَلِكَ الْكَلَامَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِنْكَارِ ، فَإِنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=9أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ) اسْتِفْهَامٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=9فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ ) وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=9فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ ) جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ ، كَأَنَّهُ قَالَ : إِنْ أَرَادُوا أَوْلِيَاءَ بِحَقٍّ ، فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ بِالْحَقِّ لَا وَلِيَّ سِوَاهُ ؛ لِأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، فَهُوَ الْحَقِيقُ بِأَنْ يَتَّخِذَ وَلِيًّا دُونَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : وَجْهُ النَّظْمِ أَنَّهُ تَعَالَى كَمَا مَنَعَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْمِلَ الْكُفَّارَ عَلَى الْإِيمَانِ قَهْرًا ، فَكَذَلِكَ مَنَعَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَشْرَعُوا مَعَهُمْ فِي الْخُصُومَاتِ وَالْمُنَازَعَاتِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) وَهُوَ إِثَابَةُ الْمُحِقِّينَ فِيهِ وَمُعَاقَبَةُ الْمُبْطِلِينَ ، وَقِيلَ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ وَتَنَازَعْتُمْ فَتَحَاكَمُوا فِيهِ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا تُؤَثِّرُ حُكُومَةُ غَيْرِهِ عَلَى حُكُومَتِهِ ، وَقِيلَ : وَمَا وَقَعَ بَيْنَكُمْ فِيهِ خِلَافٌ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَصِلُ بِتَكْلِيفِكُمْ ، وَلَا طَرِيقَ لَكُمْ إِلَى عَمَلِهِ كَحَقِيقَةِ الرُّوحِ ، فَقُولُوا : اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ ، قَالَ تَعَالَى :
[ ص: 129 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ) [الْإِسْرَاءِ : 85] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : تَقْدِيرُ الْآيَةِ كَأَنَّهُ قَالَ : قُلْ يَا
مُحَمَّدُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : احْتَجَّ نُفَاةُ الْقِيَاسِ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، فَقَالُوا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ : فَحُكْمُهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ نَصِّ اللَّهِ عَلَيْهِ ، أَوِ الْمُرَادُ : فَحُكْمُهُ مُسْتَفَادٌ مِنَ الْقِيَاسِ عَلَى مَا نَصَّ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَالثَّانِي بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي كَوْنَ كُلِّ الْأَحْكَامِ مُثْبَتَةً بِالْقِيَاسِ بِأَنَّهُ بَاطِلٌ ، فَيُعْتَبَرُ الْأَوَّلُ ، فَوَجَبَ كَوْنُ كُلِّ الْأَحْكَامِ مُثْبَتَةً بِالنَّصِّ ، وَذَلِكَ يَنْفِي
nindex.php?page=treesubj&link=21709الْعَمَلَ بِالْقِيَاسِ ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ : لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ : فَحُكْمُهُ يُعْرَفُ مِنْ بَيَانِ اللَّهِ تَعَالَى ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْبَيَانُ بِالنَّصِّ أَوْ بِالْقِيَاسِ ؟ أُجِيبَ عَنْهُ : بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ التَّحَاكُمِ إِلَى اللَّهِ قَطْعُ الِاخْتِلَافِ ، وَالرُّجُوعُ إِلَى الْقِيَاسِ يُقَوِّي حُكْمَ الِاخْتِلَافِ وَلَا يُوَضِّحُهُ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ هُوَ الرُّجُوعَ إِلَى نُصُوصِ اللَّهِ تَعَالَى .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي ) أَيْ ذَلِكُمُ الْحَاكِمُ بَيْنَكُمْ هُوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ) فِي دَفْعِ كَيْدِ الْأَعْدَاءِ وَفِي طَلَبِ كُلِّ خَيْرٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) أَيْ وَإِلَيْهِ أَرْجِعُ فِي كُلِّ الْمُهِمَّاتِ ، وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ) يُفِيدُ الْحَصْرَ ، أَيْ لَا أَتَوَكَّلُ إِلَّا عَلَيْهِ ، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى تَزْيِيفِ طَرِيقَةِ مَنِ اتَّخَذَ غَيْرَ اللَّهِ وَلِيًّا .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) قُرِئَ بِالرَّفْعِ وَالْجَرِّ ، فَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ " ذَلِكُمْ " ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، وَالْجَرُّ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ هَكَذَا : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي ) اعْتِرَاضٌ وَقَعَ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ) مِنْ جِنْسِكُمْ مِنَ النَّاسِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ) أَيْ خَلَقَ مِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا ، وَمَعْنَاهُ : وَخَلَقَ أَيْضًا لِلْأَنْعَامِ مِنْ أَنْفُسِهَا أَزْوَاجًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11يَذْرَؤُكُمْ ) أَيْ يُكَثِّرُكُمْ ، يُقَالُ : ذَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ ، أَيْ كَثَّرَهُمْ ، وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11فِيهِ ) أَيْ فِي هَذَا التَّدْبِيرِ ، وَهُوَ التَّزْوِيجُ ، وَهُوَ أَنْ جَعَلَ النَّاسَ وَالْأَنْعَامَ أَزْوَاجًا حَتَّى كَانَ بَيْنَ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمُ التَّوَالُدُ وَالتَّنَاسُلُ ، وَالضَّمِيرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11يَذْرَؤُكُمْ ) يَرْجِعُ إِلَى الْمُخَاطَبِينَ ، إِلَّا أَنَّهُ غَلَّبَ فِيهِ جَانِبَ النَّاسِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ غَلَّبَ فِيهِ جَانِبَ الْعُقَلَاءِ عَلَى غَيْرِ الْعُقَلَاءِ .
الثَّانِي : أَنَّهُ غَلَّبَ فِيهِ جَانِبَ الْمُخَاطَبِينَ عَلَى الْغَائِبِينَ ، فَإِنْ قِيلَ : مَا مَعْنَى " يَذْرَؤُكُمْ " فِي هَذَا التَّدْبِيرِ ، وَلِمَ لَمْ يَقُلْ : يَذْرَؤُكُمْ بِهِ ؟ قُلْنَا : جُعِلَ هَذَا التَّدْبِيرُ كَالْمَنْبَعِ وَالْمَعْدِنِ لِهَذَا التَّكْثِيرِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ لِلْحَيَوَانِ فِي خَلْقِ الْأَزْوَاجِ تَكْثِيرٌ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=179وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ ) [الْبَقَرَةِ : 179] .