أما قوله تعالى : ( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ) يعني من تقدم ذكره وهذه الآيات هي القرآن ، ووصفها بأنها بينات لكونها متضمنة للدلائل العقلية وبيان الأحكام ، فبين أنهم مع جهلهم إذا نبهوا على الأدلة وعرضت عليهم المعجزة ظهر في وجوههم المنكر ، والمراد دلالة الغيظ والغضب ، قال صاحب " الكشاف " : المنكر الفظيع من التهجم والفجور والنشوز والإنكار ، كالمكرم بمعنى الإكرام وقرئ " تعرف " على ما لم يسم فاعله ، وللمفسرين في المنكر عبارات : أحدها : قال الكلبي : تعرف في وجوههم الكراهية للقرآن . ثانيها : قال رضي الله عنهما : التجبر والترفع . وثالثها : قال ابن عباس مقاتل : أنكروا أن يكون من الله تعالى .
أما قوله تعالى : ( يكادون يسطون ) فقال الخليل والفراء والزجاج : والوثوب ، والمعنى يهمون بالبطش والوثوب تعظيما لإنكار ما خوطبوا به ، فحكى تعالى عظيم تمردهم على الأنبياء والمؤمنين ثم أمر رسوله بأن يقابلهم بالوعيد فقال : ( السطو شدة البطش قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار ) قال صاحب " الكشاف " : قوله : ( من ذلكم ) أي من غيظكم على الناس وسطوكم عليهم أو مما أصابكم من الكراهة والضجر بسبب ما تلي عليكم ، فقوله : ( من ذلكم ) فيه وجهان :
أحدهما : المراد أن الذي ينالكم من النار التي تكادون تقتحمونها بسوء فعالكم أعظم مما ينالكم عند تلاوة هذه الآيات من الغضب ومن هذا الغم .
والثاني : أن يكون المراد ( بشر من ذلكم ) ما تهمون به فيمن يحاجكم ، فإن أكبر ما يمكنكم فيه الإهلاك ثم بعده مصيرهم إلى الجنة وأنتم تصيرون إلى النار الدائمة التي لا فرج لكم عنها ، وأما ( النار ) فقال صاحب " الكشاف " : قرئ " النار " بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف كأن قائلا يقول : ما شر من ذلك ؟ فقيل : النار . أي هو النار . وبالنصب على الاختصاص ، وبالجر على البدل من شر . ثم بين سبحانه أنه وعدها الذين كفروا إذا ماتوا على كفرهم وهو بئس المصير ، قال صاحب " الكشاف " : ( وعدها الله ) استئناف كلام ويحتمل أن تكون النار مبتدأ و ( وعدها ) خبرا .