الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) الرابعة عشرة ( سترة ) أي نصبها أمامه خوف المرور بين يديه والمعتمد استحبابها [ ص: 245 ] ( لإمام وفذ ) لا مأموم لأن إمامه سترة له أو لأن سترة الإمام سترة له ( إن خشيا مرورا ) بين يديهما ولو شك لا إن لم يخشيا [ ص: 246 ] وأشار لصفتها بقوله ( بطاهر ) لا نجس ( ثابت ) غير حجر واحد لا كسوط ( غير مشغل ) للمصلي وأشار لقدرها بقوله ( في غلظ رمح وطول ذراع ) لا ما دونهما ( لا دابة ) إما لنجاسة فضلتها كالبغال وإما لخوف وزوالها وإما لهما فهو محترز طاهر أو ثابت أو هما فإن كانت طاهرة الفضلة وثبتت بربط ونحوه جاز ( و ) لا ( حجر واحد ) لم يذكر ما هذا محترزه فيكره الاستتار به إن وجد غيره خوف التشبيه بعبدة الأصنام فإن لم يجد غيره جعله يمينا أو شمالا بل جميع ما يجوز الاستتار به كذلك وجاز بأكثر من حجر ( و ) لا ( خط ) يخطه من المشرق للمغرب أو من القبلة لدبرها وكذا حفرة وماء ونار ولا مشغل كنائم وحلق العلم وكل حلقة بها كلام بخلاف الساكتين ولا بكافر أو مأبون أو من يواجهه فيكره في الجميع ( و ) لا لظهر امرأة ( أجنبية ) أي غير محرم ( وفي المحرم قولان ) بالكراهة والجواز ثم الأرجح ما لابن العربي من أن المصلي سواء صلى لسترة أم لا لا يستحق زيادة على مقدار ما يحتاجه لقيامه وركوعه وسجوده .

التالي السابق


( قوله : لإمام وفذ ) أي سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا أو سجود سهو أو تلاوة ( قوله : لأن إمامه سترة له ) هذا قول مالك في المدونة وقوله أو لأن سترة الإمام إلخ هذا قول عبد الوهاب واختلف هل معناهما واحد وأن الخلاف لفظي وحينئذ ففي كلام مالك حذف مضاف والتقدير لأن سترة إمامه سترة له أو المعنى مختلف والخلاف حقيقي وحينئذ يبقى كلام الإمام على ظاهره وعليه فيمتنع على قول مالك المرور بين الإمام وبين الصف الذي خلفه كما يمنع المرور بينه وبين سترته لأنه مرور بين المصلي وسترته فيهما ويجوز المرور بين الصف الذي خلفه والصف الذي بعده لأنه وإن كان مرورا بين المصلي وسترته لأن الإمام سترة للصفوف كلهم إلا أنه قد حال بينهما حائل وهو الصف الأول فالإمام سترة لمن يليه حسا وحكما ولمن بينه وبينه فاصل سترته حكما لا حسا والذي يمتنع فيه المرور الأول لا الثاني وأما على قول عبد الوهاب من أن سترة الإمام سترة لهم فيجوز المرور بين الصف الأول وبين الإمام لأن سترة الصف الأول إنما هو سترة الإمام لا الإمام نفسه وقد حال بين الصف الأول وسترته الإمام كما يجوز المرور بين بقية الصفوف مطلقا والحق أن الخلاف حقيقي والمعتمد قول مالك كما قال شيخنا قال في المج والميت في الجنازة كاف ولا ينظر للقول بنجاسته ولا أنه ليس ارتفاع ذراع للخلاف في ذلك كما للشيخ عج ( قوله : إن خشيا مرورا بين يديهما ) أي ولو بحيوان غير عاقل كهرة ( قوله : ولو شك ) أي هذا إذا جزم أو ظن المرور بين يديه بل ولو شك في ذلك لا إن توهمه ( قوله : لا إن لم يخشيا ) أي فلا يطلب بها وذلك كما لو كان يصلي بصحراء لا يمر بها أحد أو بمكان عال والمرور من أسفله وما ذكره المصنف من التفصيل هو المشهور قال مالك في المدونة ويصلي في موضع يأمن فيه من مرور شيء بين يديه إلى غيره سترة ابن ناجي ما ذكره هو المشهور وقال مالك [ ص: 246 ] في العتبية يؤمر بها مطلقا واختاره اللخمي وبه قال ابن حبيب وهو مقابل المشهور انظر ح .

( قوله : وأشار لصفتها ) أي التي لا تجزي بدونها وكذا يقال في قدرها ( قوله : لا كسوط ) أدخلت الكاف الحبل ( قوله : في غلظ رمح ) أي إن أقل ما تكون أن تكون في غلظ رمح فأولى ما كانت أغلظ منه وأما لو كانت أدنى من غلظ الرمح فلا يحصل بها المطلوب ( قوله : وطول ذراع ) أي من المرفق لآخر الإصبع الوسطى والمراد أنه لا بد فيها أن تكون طول ذراع فأكثر في الارتفاع بين يديه كما في بن ( قوله : لا دابة ) أي فلا تحصل السنة أو المندوب بالاستتار بها ( قوله : وتثبت بربط ) أي وإلا فلا تحصل السنة بالاستتار بها لعدم ثباتها ( قوله : جعله يمينا أو شمالا ) أي ويكره أن يجعله مقابلا لوجهه ( قوله : ولا خط ) هذا وما بعده في كلام الشارح محترز قوله في غلظ رمح وطول ذراع ( قوله : كنائم ) أي فهو مشغل باعتبار ما يعرض له من خروج شيء منه يشوش على المصلي أو كشف عورته ( قوله : ولا بكافر ) أي وأما بغيره فيجوز حيث كان غير مواجه له ( قوله : وفي المحرم ) أي وفي الاستتار بظهر المحرم قولان والراجح منهما الجواز وعدم الكراهة . والحاصل أن الاستتار بالشخص المواجه له مكروه مطلقا وأما الاستتار بظهره فإن كانت امرأة أجنبية أو كافرا أو مأبونا فالكراهة وإن كان رجلا غير كافر جاز من غير كراهة وإن كانت امرأة محرما فقولان والراجح الجواز ( قوله : ثم الأرجح إلخ ) اعلم أنه اختلف في حريم المصلي الذي يمنع المرور فيه قال ابن هلال كان ابن عرفة يقول هو ما لا يشوش عليه المرور فيه ويحده بنحو عشرين ذراعا ويؤخذ ذلك من تحديد مالك حريم البئر بما لا يضر تلك البئر بحفر بئر أخرى ثم اختار ما لابن العربي من أن حريم المصلي مقدار ما يحتاجه لقيامه وركوعه وسجوده وقيل إنه قدر رمية الحجر أو السهم أو المضاربة بالسيف أقوال .




الخدمات العلمية