فيا : في : كلمة معناها التعجب ، يقولون : يا في ما لي أفعل كذا ! وقيل : معناه الأسف على الشيء يفوت . قال اللحياني : قال لا يهمز ، وقال : معناه يا عجبي ، قال : وكذلك يا في ما أصحابك ، قال : وما من كل في موضع رفع . التهذيب : في حرف من حروف الصفات ، وقيل : في تأتي بمعنى وسط ، وتأتي بمعنى داخل ، كقولك : عبد الله في الدار أي داخل الدار ووسط الدار ، وتجيء في بمعنى على ، وفي التنزيل العزيز : الكسائي ولأصلبنكم في جذوع النخل المعنى على جذوع النخل . وقال في قوله : ابن الأعرابي وجعل القمر فيهن نورا أي معهن . وقال : جاءت في بمعنى مع ; قال ابن السكيت الجعدي :
ولوح ذراعين في بركة إلى جؤجؤ رهل المنكب
وقال أبو النجم :
يدفع عنها الجوع كل مدفع
خمسون بسطا في خلايا أربع
أراد : مع خلايا . وقال الفراء في قوله تعالى : يذرؤكم فيه أي يكثركم به ; وأنشد :
وأرغب فيها عن عبيد ورهطه ولكن بها عن سنبس لست أرغب
أي أرغب بها ، وقيل في قوله تعالى : أن بورك من في النار أي بورك من على النار ، وهو الله عز وجل . وقال الجوهري : في حرف خافض ، وهو للوعاء والظرف وما قدر تقدير الوعاء ، تقول : الماء في الإناء ، وزيد في الدار ، والشك في الخبر ، وزعم يونس أن العرب تقول نزلت في أبيك ، يريدون عليه ، قال وربما تستعمل بمعنى الباء ، وقال زيد الخيل :
ويركب يوم الروع منا فوارس بصيرون في طعن الأباهر والكلى
أي بطعن الأباهر والكلى . : في حرف جر ، قال ابن سيده : أما في فهي للوعاء ، تقول : هو في الجراب وفي الكيس ، وهو في بطن أمه ، وكذلك هو في الغل جعله إذا أدخله فيه كالوعاء ، وكذلك هو في القبة ، وفي الدار ، وإن اتسعت في الكلام فهي على هذا ، وإنما تكون كالمثل يجاء بها لما يقارب الشيء وليس مثله ; وقال سيبويه عنترة :
بطل كأن ثيابه في سرحة يحذى نعال السبت ليس بتوأم
أي على سرحة ، قال : وجاز ذلك من حيث كان معلوما أن ثيابه لا تكون من داخل سرحة ، لأن السرحة لا تشق فتستودع الثياب ولا غيرها ، وهي بحالها سرحة ، وليس كذلك قولك فلان في الجبل لأنه قد يكون في غار من أغواره ولصب من لصابه ، فلا يلزم على هذا أن يكون عليه أي عاليا فيه أي الجبل ، وقال :
وخضخضن فينا البحر حتى قطعنه على كل حال من غمار ومن وحل
قال : أراد بنا ، وقد يكون على حذف المضاف أي في سيرنا ، ومعناه في سيرهن بنا ; ومثل قوله :
كأن ثيابه في سرحة
وقول امرأة من العرب :
همو صلبوا العبدي في جذع نخلة فلا عطست شيبان إلا بأجدعا
أي على جذع نخلة ، وأما قوله :
وهل يعمن من كان أقرب عهده [ ص: 255 ] ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال
فقالوا : أراد مع ثلاثة أحوال ، قال : وطريقه عندي أنه على حذف المضاف ، يريدون ثلاثين شهرا في عقب ثلاثة أحوال قبلها ، وتفسيره بعد ثلاثة أحوال ; فأما قوله : ابن جني
يعثرن في حد الظبات كأنما كسيت برود بني تزيد الأذرع
فإنما أراد يعثرن بالأرض في حد الظبات أي وهن في حد الظبات ، كقوله : خرج بثيابه أي وثيابه عليه وصلى في خفيه أي وخفاه عليه . وقوله تعالى : فخرج على قومه في زينته ; فالظرف إذا متعلق بمحذوف ، لأنه حال من الضمير أي يعثرن كائنات في حد الظبات ; وقول بعض الأعراب :
نلوذ في أم لنا ما تعتصب من العمام ترتدي وتنتقب
فإنه يريد بالأم لنا سلمى أحد جبلي طيء ، وسماها أما لاعتصامهم بها وأويهم إليها ، واستعمل في موضع الباء أي نلوذ بها لأنهم لاذوا فهم فيها لا محالة ، ألا ترى أنهم لا يلوذون ويعتصمون بها إلا وهم فيها ؟ لأنهم إن كانوا بعداء عنها فليسوا لائذين فيها ، فكأنه قال نسمئل فيها أي نتوقل ، ولذلك استعمل في مكان الباء . وقوله عز وجل : وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات قال : في من صلة قوله : الزجاج وألق عصاك ، وأدخل يدك في جيبك وقيل : تأويله وأظهر هاتين الآيتين في تسع آيات أي من تسع آيات ، ومثله قولك : خذ لي عشرا من الإبل وفيها فحلان أي ومنها فحلان ، والله أعلم .