( فصل ) :
وأما بيان حكم النكاح ، فنقول ، وبالله التوفيق الكلام في هذا الفصل في موضعين : في الأصل أحدهما :
[ ص: 331 ] في بيان
nindex.php?page=treesubj&link=11340_11398_11337حكم النكاح ، والثاني : في بيان
nindex.php?page=treesubj&link=11398_11339ما يرفع حكمه أما الأول ، فالنكاح لا يخلو ( إما ) أن يكون صحيحا ( وإما ) أن يكون فاسدا ، ويتعلق بكل واحد منهما أحكام ( أما ) .
nindex.php?page=treesubj&link=11340_11347_11344_11339النكاح الصحيح ، فله أحكام بعضها أصلي ، وبعضها من التوابع ، أما الأصلية منها ، فحل الوطء إلا في حالة الحيض والنفاس والإحرام وفي الظهار قبل التكفير لقوله سبحانه ، وتعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5، والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } نفى اللوم عمن لا يحفظ فرجه على زوجته فدل على حل الوطء إلا أن الوطء في حالة الحيض خص بقوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن } ، والنفاس أخو الحيض ، وقوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } .
والإنسان بسبيل من التصرف في حرثه مع ما أنه قد أباح إتيان الحرث بقوله عز وجل {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223، فأتوا حرثكم أنى شئتم } ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13110اتقوا الله في النساء ، فإنهن عندكم عوان لا يملكن شيئا اتخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله } ، وكلمة الله المذكورة في كتابه العزيز لفظة الإنكاح والتزويج ، فدل الحديث على حل الاستمتاع بالنساء بلفظة الإنكاح والتزويج ، وغيرهما في معناهما ، فكان الحل ثابتا ; ولأن النكاح ضم وتزويج لغة ، فيقتضي الانضمام ، والازدواج ، ولا يتحقق ذلك إلا بحل الوطء والاستمتاع ; لأن الحرية تمنع من ذلك ، وهذا الحكم وهو حل الاستمتاع مشترك بين الزوجين ، فإن المرأة كما تحل لزوجها ، فزوجها يحل لها قال عز وجل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن } ، وللزوج أن يطالبها بالوطء متى شاء إلا عند اعتراض أسباب مانعة من الوطء كالحيض والنفاس والظهار والإحرام وغير ذلك ، وللزوجة أن تطالب زوجها بالوطء ; لأن حله لها حقها كما أن حلها له حقه ، وإذا طالبته يجب على الزوج ، ويجبر عليه في الحكم مرة واحدة والزيادة على ذلك تجب فيما بينه ، وبين الله تعالى من باب حسن المعاشرة واستدامة النكاح ، فلا يجب عليه في الحكم عند بعض أصحابنا ، وعند بعضهم يجب عليه في الحكم .
( فَصْلٌ ) :
وَأَمَّا بَيَانُ حُكْمِ النِّكَاحِ ، فَنَقُولُ ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي مَوْضِعَيْنِ : فِي الْأَصْلِ أَحَدِهِمَا :
[ ص: 331 ] فِي بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=11340_11398_11337حُكْمِ النِّكَاحِ ، وَالثَّانِي : فِي بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=11398_11339مَا يَرْفَعُ حُكْمَهُ أَمَّا الْأَوَّلُ ، فَالنِّكَاحُ لَا يَخْلُو ( إمَّا ) أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا ( وَإِمَّا ) أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا ، وَيَتَعَلَّقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحْكَامٌ ( أَمَّا ) .
nindex.php?page=treesubj&link=11340_11347_11344_11339النِّكَاحُ الصَّحِيحُ ، فَلَهُ أَحْكَامٌ بَعْضُهَا أَصْلِيٌّ ، وَبَعْضُهَا مِنْ التَّوَابِعِ ، أَمَّا الْأَصْلِيَّةُ مِنْهَا ، فَحِلُّ الْوَطْءِ إلَّا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِحْرَامِ وَفِي الظِّهَارِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ ، وَتَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5، وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } نَفَى اللَّوْمَ عَمَّنْ لَا يَحْفَظُ فَرْجَهُ عَلَى زَوْجَتِهِ فَدَلَّ عَلَى حِلِّ الْوَطْءِ إلَّا أَنَّ الْوَطْءَ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ خُصَّ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } ، وَالنِّفَاسُ أَخُو الْحَيْضِ ، وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } .
وَالْإِنْسَانُ بِسَبِيلٍ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي حَرْثِهِ مَعَ مَا أَنَّهُ قَدْ أَبَاحَ إتْيَانَ الْحَرْثِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223، فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } ، وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13110اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ ، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٌ لَا يَمْلِكْنَ شَيْئًا اتَّخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ } ، وَكَلِمَةُ اللَّهِ الْمَذْكُورَةُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ لَفْظَةُ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ ، فَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّسَاءِ بِلَفْظَةِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ ، وَغَيْرِهِمَا فِي مَعْنَاهُمَا ، فَكَانَ الْحِلُّ ثَابِتًا ; وَلِأَنَّ النِّكَاحَ ضَمٌّ وَتَزْوِيجٌ لُغَةً ، فَيَقْتَضِي الِانْضِمَامَ ، وَالِازْدِوَاجَ ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِحِلِّ الْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ ; لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ ، وَهَذَا الْحُكْمُ وَهُوَ حِلُّ الِاسْتِمْتَاعِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ كَمَا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا ، فَزَوْجُهَا يَحِلُّ لَهَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } ، وَلِلزَّوْجِ أَنْ يُطَالِبَهَا بِالْوَطْءِ مَتَى شَاءَ إلَّا عِنْدَ اعْتِرَاضِ أَسْبَابٍ مَانِعَةٍ مِنْ الْوَطْءِ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالظِّهَارِ وَالْإِحْرَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَلِلزَّوْجَةِ أَنْ تُطَالِبَ زَوْجَهَا بِالْوَطْءِ ; لِأَنَّ حِلَّهُ لَهَا حَقُّهَا كَمَا أَنَّ حِلَّهَا لَهُ حَقُّهُ ، وَإِذَا طَالَبَتْهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ ، وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ تَجِبُ فِيمَا بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ بَابِ حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ وَاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ .