ولو أو كان العدو لم يبرح مكانه فكان يلبس السلاح ، فيقاتل بالنهار وينزع بالليل فعليه كفارة واحدة ، ما لم يذهب هذا العدو ويجيء عدو آخر ; لأن العذر واحد ، والعذر الواحد لا يتعلق باللبس له إلا كفارة واحدة . حصره عدو فاحتاج إلى لبس الثياب فلبس ، ثم ذهب فنزع ثم عاد فعاد
والأصل في جنس هذه المسائل أنه ينظر إلى اتحاد الجهة واختلافها ، لا إلى صورة اللبس ، فإن فإن لم ينزع ليلا ولا نهارا يكفيه دم واحد بلا خلاف ; لأن اللبس على وجه واحد ، وكذلك إذا كان يلبسه بالنهار وينزعه بالليل للنوم من غير أن يعزم على تركه لا يلزمه إلا دم واحد بالإجماع ; لأنه إذا لم يعزم على الترك كان اللبس على وجه واحد ، فإن لبس يوما كاملا فأراق دما ، ثم دام على لبسه يوما كاملا فعليه دم آخر بلا خلاف ; لأن الدوام على اللبس بمنزلة لبس مبتدأ ، بدليل أنه لو أحرم وهو مشتمل على المخيط فدام عليه بعد الإحرام يوما كاملا يلزمه دم . لبس المخيط أياما
ولو لبسه يوما كاملا ثم نزعه وعزم على تركه ، ثم لبس بعد ذلك ، فإن كان كفر للأول فعليه كفارة أخرى بالإجماع ; لأنه لما كفر للأول فقد التحق اللبس الأول بالعدم فيعتبر الثاني لبسا آخر مبتدأ إن لم يكفر للأول ، فعليه كفارتان في قول أبي حنيفة ، وفي قول وأبي يوسف عليه كفارة واحدة وجه قول محمد أنه ما لم يكفر للأول كان اللبس على حاله ، فإذا وجد الثاني فلا يتعلق به إلا كفارة واحدة ، وإذا كفر للأول بطل الأول فيعتبر الثاني لبسا ثانيا فيوجب كفارة أخرى ، كما إذا جامع في يومين من شهر رمضان ، ولهما أنه لما نزع على عزم الترك فقد انقطع حكم اللبس الأول ، فيعتبر الثاني لبسا مبتدأ فيتعلق به كفارة أخرى ، والأصل عندهما أن النزع على عزم الترك يوجب اختلاف اللبستين في الحكم ، تخللهما التكفير أو لا وعنده لا يختلف إلا إذا تخللهما التكفير ، ولو لبس ثوبا مصبوغا بالورس أو الزعفران فعليه دم ; لأن الورس والزعفران لهما رائحة طيبة ، فقد استعمل الطيب في بدنه فيلزمه الدم . محمد
وكذا إذا لبس المعصفر عندنا ، لأنه محظور الإحرام عندنا ، إذ المعصفر طيب ; لأن له رائحة طيبة وعلى القارن في جميع ما يوجب الكفارة مثلا ما على المفرد من الدم والصدقة عندنا ; لأنه محرم بإحرامين ، فأدخل النقص في كل واحد منهما فيلزمه كفارتان ، والله أعلم بالصواب .