الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
فصل ومنها النفس

قال صاحب المنازل :

( باب النفس ) قال الله تعالى : فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك .

[ ص: 176 ] وجه إشارته بالآية : أن النفس يكون بعد مفارقة الحال ، وانفصاله عن صاحبه ، فشبه الحال بالشيء الذي يأخذ صاحبه فيغته ويغطه ، حتى إذا أقلع عنه تنفس نفسا يستريح به ويستروح .

قال : ويسمى النفس : نفسا ، لتروح المتنفس به

" التنفيس " هو الترويح ، يقال : نفس الله عنك الكرب ؛ أي : أراحك منه ، وفي الحديث الصحيح : من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة .

وهذه الأحرف الثلاثة وهي النون والفاء وما يثلثهما تدل حيث وجدت على الخروج والانفصال ، فمنه النفل ؛ لأنه زائد على الأصل خارج عنه ، ومنه : النفر ، والنفي ، والنفس ، ونفقت الدابة ، ونفست المرأة ونفست : إذا حاضت أو ولدت ، فالنفس : خروج وانفصال يستريح به المتنفس .

قال : وهو على ثلاث درجات ، وهي تشابه درجات الوقت

وجه الشبه بينهما : أن الأوقات تعد بالأنفاس كدرجاتها .

وأيضا فالوقت ، كما قال هو : " حين وجد صادق " فقيد الحين بالوجد ، والوجد بالصدق ، وقال في هذا الباب : هو نفس في حين استتار ، فقيد النفس بالحين وبالوجد ، [ ص: 177 ] وقيد به الوقت ، فهو معتبر بهما .

وأيضا فالوقت والنفس لهما أسباب تعرض للقلب بسبب حجبه عن مطلوبه ، أو مفارقة حال كان فيها فاستترت عنه ، فبينهما تشابه من هذه الوجوه وغيرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية